فقالت خولة يا بنات التبابعة والعمالقة خذوا أعمدة الخيام وأوتاد الاطناب ونحمل بها على هؤلاء اللئام فلعل الله ينصرنا عليهم أو نستريح من معرة العرب فقالت عفرة بنت غفار والله ما دعوت الا ما هو أحب الينا مما ذكرت ثم تناولت كل واحدة عمودا من أعمدة الخيام وصحن صيحة واحدة وألقت خولة على عاتقها عمود الخيمة وسعت من ورائها عفرة وأم أبان بنت عتبة وسلمة بنت زراع ولبنى بنت حازم ومزروعة بنت عملوق وسلمة بنت النعمان ومثل هؤلاء رضي الله عنهن فقالت لهن خولة لا ينفك بعضكن عن بعض وكن كالحلقة الدائرة ولا تتفرقن فتملكن فيقع بكن التشتيت وحطمن رماح القوم واكسرن سيوفهن قال فهجمت خولة امامهن فأول ما ضربت رجلا من القوم على هامته بالعمود فتجندل صريعا والتفت الروم ينظرون ما الخبر فإذا هم بالنسوة وقد أقبلن والعمد بأيديهن فصاح بطريق يا ويلكن ما هذا فقالت عفرة هذه فعالنا فلنضربن بالقوم بهذه الأعمدة ولا بد من قطع اعماركم وانصرام أجالكم يا أهل الكفر قال فجاء بطرس وقال تفرقوا عن النسوة ولا تبذلوا فيهن السيوف ولا أحد منكم يقتل واحدة منهن وخذوهن أسارى ومن وقع منكم بصاحبتي فلا ينلها بمكروه فتفرق القوم عليهن وحدقوا بهن من كل جانب وراموا الوصول إليهن فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا ولم تزل النساء لا يدنوا إليهن أحد من الروم الا ضربن قوائم فرسه فإذا تنكس عن جواده بادرت النساء بالاعمدة فيقتلنه ويأخذن سلاحه قال الواقدي ولقد بلغني ان النسوة قتلن ثلاثين فارسا من الروم فلما نظر بطرس إلى ذلك غضب غضبا شديدا وترجل وترجلت أصحابه نحو النساء والنساء يحرض بعضهن بعضا ويقلن متن كراما ولا تمتن لئاما وأظهر بطرس رأسه وتلهفه عندما نظر إلى فعلهن ونظر إلى خولة بنت الأزور وهي تجول كالأسد وتقول * نحن بنات تبع وحمير * وضربنا في القوم ليس ينكر * لأننا في الحرب نار تسعر * اليوم تسقون العذاب الأكبر * قال فلما سمع بطرس ذلك من قولها ورأى حسنها وجمالها قال لها يا عربية اقصري عن فعالك فاني مكرمك بكل ما يسرك أما ترضين أن أكون انا مولاك وانا الذي تهابني أهل النصرانية ولي ضياع ورساتيق وأموال ومواشي ومنزلة عند الملك هرقل وجميع ما أنا فيه مردود إليك أما ترضين أن تكوني سيدة أهل دمشق فلا تقتلي نفسك فقالت له يا ملعون ويا ابن ألف ملعون والله لئن ظفرت بك لاقطعن رأسك والله ما أرضى بك ان ترعى لي الإبل فكيف أرضاك أن تكون لي كفؤا قال فلما سمع كلامها حرض أصحابه على القتال وقال أترون
(٥٣)