يصلوا إلى خالد فلما سار الرسول بالكتاب جمع وردان اليه البطارقة وقال لهم أني أريد أن أسير على حين غفلة على طريق مارس حتى أكبس على القوم ولا ينجو منهم أحد فلما كان الليل رحل على طريق وادي الحياة قال حدثني شداد بن أوس قال لما دخل خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد قتل البطريقين أمر المسلمين أن يزحفوا إلى دمشق قال فزحف منا الرجال من العرب وبأيديهم الحجف يتلقون بها الحجارة والسهام فلما نظر أهل دمشق الينا ونحن قد زحفنا إليهم رمونا بالسهام والحجارة من أعلى الاسوار وضيقنا عليهم في الحصار وأيقن القوم بالدمار قال شداد ابن أوس فأقمنا على حصارهم عشرين يوما فلما كان بعد ذلك جاءنا ناوي بن مرة وأخبرنا عن جموع الروم بأجنادين وكثرة عددهم فركب خالد نحوه باب المدينة الجابية إلى أبي عبيدة يخبره بذلك ويستشيره وقال يا أمين الأمة اني رأيت أن ترحل من دمشق إلى أجنادين ونلقى من هناك من الروم فإذا نصرنا الله عليهم عدنا إلى قتال هؤلاء القوم قال أبو عبيدة ليس هذا برأي قال خالد ولم ذلك قال أبو عبيدة إذا رحلنا يخرج أهل المدينة فيملكون مواضعنا فلما سمع خالد ذلك من أبي عبيدة قال يا أمين الأمة اني أعرف رجلا لا يخاف الموت خبيرا بلقاء الرجال قد مات أبوه وجده في القتال قال ومن هذا الرجل يا أبا سليمان قال هو ضرار بن الأزور بن طارق قال أبو عبيدة والله لقد صدقت ووصفت رجلا باذلا معروفا فافعل قال فرجع خالد إلى بابه واستدعى بضرار بن الأزور فجاء اليه وسلم عليه فقال يا ابن الأزور اني أريد أن أقدمك على خمسة آلاف قد باعوا أنفسهم لله عز وجل واختاروا دار البقاء والآخرة على الأولى وتسيروا إلى لقاء هؤلاء القوم الذين وردوا علينا فان رأيت لك فيهم طمعا فقاتلهم وان رأيت أنك لا تقدر عليهم فابعث الينا رسولك فقال ضرار بن الأزور وافرحتاه والله يا ابن الوليد ما دخل قلبي مسرة أعظم من هذه فاتركني أسير وحدي قال خالد لعمري انك ضرار ولكن لا تلق نفسك إلى الهلاك وسر بما ندب معك من المسلمين قال فقام ضرار رضي الله عنه مسرعا فقال خالد ارفق بنفسك حتى يجتمع عليك الجيش فقال والله لا وقفت ومن علم الله فيه خيرا أدركني ثم ركب ضرار وأسرع إلى أن وصل إلى بيت لهيا وهو الموضع الذي كان يصنع فيه الأصنام فوقف هناك حتى لحق به أصحابه فلما تكاملوا نظر ضرار وإذا بجيش الروم ينحدر كأنه الجراد المنتشر وهم غائصون في الدروع وقد أشرقت الشمس على لأماتهم وطوارقهم
(٤٢)