وأدلوه بالجبل من أعلى الاسوار في ظلمة الاعتكار قال الواقدي وان الرجل وصل إلى الملك هرقل وهو بأرض أنطاكية فاستأذن عليه فأمر له بالدخول فلما دخل سلم الكتاب اليه فلما قرأه الملك رماه من يده وبكى ثم إنه جمع البطارقة وقال لهم يا بني الأصفر لقد حذرتكم من هؤلاء العرب وأخبرتكم انهم سوف يملكون ما تحت سريري هذا فاتخذتم كلامي هزوءا وأردتم قتلي وهؤلاء العرب خرجوا من بلاد الجدب والقحط وأكل الذرة والشعير إلى بلاد خصبة كثيرة الأشجار والثمار والفواكه فاستحسنوا ما نظروه من بلادنا وخصبنا وليس يزجرهم شيء لما هم فيه من العزم والقوة وشدة الحرب ولولا أنه عار علي لتركت الشام ورحلت إلى القسطنطينية العظمى ولكن ها أنا أخرج إليهم وأقاتلهم عن أهلي وديني فقالوا أيها الملك ما بلغ من شأن العرب ان تخرج إليهم بنفسك وقعودك أهيب قال الملك هرقل نبعث إليهم قالوا عليك أيها الملك بوردان صاحب حمص لأنه ليس فينا مثله في القوة وملاقاة الرجال ولقد بين لنا شجاعته في عساكر الفرس لما قصدونا قال فأمر الملك باحضاره فلما حضر وردان قال له الملك انما قدمتك لأنك سيفي القاطع وسندي المانع فأخرج من وقتك وساعتك ولا تتأخر فقد قدمتك على اثني عشر الف فإذا وصلت إلى بعلبك فانقذ إلى من بأجنادين بأن يتفرقوا في أرض البلقاء وجبال السواد فيكونوا هناك ولا تتركوا أحدا من العرب يلحق بأصحابه يعني عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال وردان السمع والطاعة لك أيها الملك وسوف يبلغك الخبر أني لا أعود الا برأس خالد بن الوليد ومن معه اهزمهم جميعا وبعد ذلك أدخل الحجاز ولا أخرج حتى أهدم الكعبة ومكة والمدينة قال فلما سمع الملك هرقل قوله قال وحق الإنجيل لئن فعلت ذلك ووفيت بقولك لأعطينك ما فتحوه حرثا وخراجا وكتبت كتاب العهد انك الملك من بعدي ثم سوره وتوجه وأعطاه صليبا من الذهب وفي جوانبه أربع يواقيت لا قيمة لها وقال إذا لاقيت العرب فقدمه أمامك فهو ينصرك قال فلما تسلم وردان الصليب من وقته دخل الكنيسة وانغمر في ماء المعمودية وبخروه ببخور الكنائس وصلى عليه الرهبان وخرج من وقته فضرب خيامه خارج المدينة قال وأخذت الروم على أنفسهم بالرحيل فلما تكاملوا ركب الملك هرقل وسار لوداعهم وصحبته أرباب دولته فوصل معهم إلى جسر الحديد بها فودعه الملك وسار إلى أن وصل إلى حماة فنزل بها وأنفذ من وقته كتابا إلى من بأجنادين من جيوش الروم يأمرهم ليتفرقوا في سائر الطرقات ليمنعوا عمرو بن العاص ومن معه أن
(٤١)