فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٧٦
قرأها أرسلني إلى صاحب الراوندات لوقا بن شاس يستنجده عليكم فمضيت اليه بالرسالة وهو قادم في خمسمائة فارس وكأنكم بهم وقد هجموا فخذوا حذركم قال الواقدي وأما ما كان من أمر يوقنا فإنه سار حتى وصل إلى الحصن فوجد صاحبه قد تجهز بنفسه ومعه أصحابه وهو خارج الحصن وكان اللعين يركب في ثلاثة آلاف فارس من الروم والف من العرب المتنصرة غير من التجأ اليه من السواد فلما قدم عليه يوقنا لم يوهمه في شيء من أمره بل استقبله وترجل اليه وأقبل كأنه يقبل ركابه وكان في يده سكين أمضى من القضاء فقطع به حزام فرس يوقنا وجذبه اليه وإذا به قد وقع على أم رأسه فأطبق الأربعة آلاف على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يمهلوهم حتى أخذوهم قبضا بالكف وشدوهم كتافا وبصق دراس في وجه يوقنا وقال لقد غضب عليك المسيح والصليب إذ فارقت دينك ودخلت في دين أعدائك وحق المسيح لا بد لي أن أبعثك إلى الملك الرحيم هرقل يصلبك على باب أنطاكية بعدما أضرب رقاب هؤلاء العرب ثم إنه أصعدهم إلى الحصن قال الواقدي ومن خيرة الله للمسلمين أن الجاسوس لم يكتب لصاحب عزاز في مكاتبته بسير مالك الأشتر قال وان مالكا الأشتر لما سمع كلام المتنصر أيقظ أصحابه وربط المتنصر عنده وأقاموا ينتظرون صاحب الراواندات فلما راق الليل سمعوا وقع حوافر الخيل فلم يكلمهم مالك حتى توسطوا الكمين وأطبقوا عليهم فكل اثنين ربطوا واحدا من الروم واخذوهم بالكف ولم ينفلت منهم أحد ولبسوا ثيابهم ورفعوا رايتهم وصليبهم كما كانت ثم أن مالكا قال للمتنصر هل لك أن ترجع إلى دين الله عز وجل ودين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيمحو عنك ما سلف من الكفر بالايمان وتبقى لنا من جملة الاخوان فقال ان قلبي ولبي عندكم فلا جزي الله من ألجانا إلى الدخول في هذا الدين خيرا وأنا والله من الطائفة التي هي أول من اسلم على يد عمر بن الخطاب وقد سمعنا عن محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال من بدل دينه فاقتلوه فقال له مالك لقد صدقت في قولك ولكن انسخ هذا الحديث بقول لا إله إلا الله فقد قال الله تعالى الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سياتهم حسنات الآية وقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم توبة وحشي قاتل عمه حمزة فأنزل الله فيه الآيات فلما سمع الغساني ذلك فرح وقال أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله والآن والله يا مالك قد طاب قلبي وانجبر كسري أخذ الله بيدك وأنقذك الله يوم القيامة قال ففرح مالك باسلامه وقال له وفقك الله وثبت ايمانك ثم قال له يا عبد الله اني أريد أن تمحو ما سلف منك بما تفعله فقال وما تريد أيها الأمير قال تمضي إلى صاحب عزاز وتبشره بقدوم صاحب الراوندات إلى نصرته فقال أفعل ذلك أن شاء الله تعالى وان كنت في شك من أمري فأرسل معي من تثق به حتى يسمع ما أقول فان الليل قد تنصف والحرس شديد وباب الحصن مقفول وانا أخاطبهم من شفير الخندق قال
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»