في رقبته وهو يقوده حتى مثله عندنا فقالوا له من المدينة أنت أم من القلعة فقال له دامس ممن أنت تكون أمن الروم أم من العرب المتنصرة قال ولكني مع العرب المتنصرة فقالوا يا هذا هل لك ان تطلعنا على عورات القلعة أو عورة من عوراتها ونحن نطلق سبيلك ولا يتعرض إليك أحد بسوء فقال يا هؤلاء لست أعرف لهذه القلعة عورة ولا طريقا ولو عرفت لما وسعني في ديني ولا رايت أن أدلكم عليها وحق المسيح قال فانغاظ منه دامس وقال له اسأل هؤلاء الأسارى هل فيهم أحد من أهل الربض فان بيننا وبينهم صلحا قال فسألهم فلم يجد فيهم أحدا من أهل الربض بل كلهم من أهل القلعة وأنا أعرفهم فقال له دامس فاسأل هذا الرجل لم طرح نفسه من السور وما دعاه إلى ذلك فسأله فقال له انه يقول إن الملك يوقنا غضب على أهل الربض لأجل صلحهم لكم وبعث يتهددهم فلما انصرفت العرب نزل يوقنا فجمع رؤوسهم واصعدهم إلى القلعة وأنا في جملتهم وطلب منا من الأموال ما لا طاقة لنا به ولا نقدر عليه فلما رأيت ما قد نزل بنا هربت وألقيت نفسي من القلعة اطلب الفرج وأنجو من العقوبة فلم أشعر الا وأنت قد قبضت علي وأنا من أهل الربض فان كنتم من العرب فأنا في ذمتكم وأمانكم فلا تنكثوا ولا تغدروا وان كنتم من غيرهم فاطلبوا مني ما أردتم من الفداء فاني قد هربت من العقوبة فقال له دامس قل له نحن من العرب ولا بأس عليك ولا خوف ولا ينالك منا سوء وأراد دامس أن يرى الربض ما يفعل بأعدائه فأخرج الروم والمتنصرة وضرب رقابهم ولم يدع غير الربض ثم أطلقه واستمروا إلى الليل وعمد دامس إلى مزوده فاستخرج منه جلد ماعز وألقاه على ظهره وأخرج كعكا يابسا وقال لأصحابه بسم الله استعينوا بالله وتوكلوا عليه واخفوا نفوسكم وقدموا الحزم في أموركم فاني معول على فتح هذه القلعة إن شاء الله تعالى فقالوا سر على بركة الله تعالى فقاموا مسرعين وتقدم دامس وبعث رجلين من أصحابه يعلمان أبا عبيدي بشأنهم ويقولان له ابعث الخيل عند طلوع الفجر قال فانطلق الرجلان وصعد دامس ومن معه تحت الظلام ودامس على المقدمة يمشي على أربعة والجلد على ظهره وكلما أحس بشيء قرض في الكعك كأنه كلب يقرض عظما وهم من ورائه يقفون أثره وهم يستترون بين الأحجار فلا زالوا كذلك حتى لاصقوا السور وسمعوا أصوات الحرس وزعقات الرجال من أعلى القلعة والحرس شديد فلم يزل دامس دائرا بهم حول السور إلى أن اتى إلى مكان لم يجد به حسا وإذا بحرسه قد ناموا وراء المكان ولم يروا في السور أقرب منه فقال دامس لأصحابه أنتم ترون هذه القلعة وعلوها وتحصينها وليس فيها حيلة لشدة الحرس ويقظة القوم فما الذي ترون من الرأي أن نصنع بها وكيف الحيلة في الصعود إليها إلى أن نحصل في وسطها فقالوا يا دامس ان الأمير أمرك علينا وأنت أدرى منا وأجرا جنانا ونحن لك بين يديك فمهما رأيت فيه الصلاح للمسلمين فلا نتأخر عنه
(٢٦٩)