رأي سديد ان لم يغدر هذا الرجل ويرجع إلى دينه فقال أبو عبيدة ان ربك لبالمرصاد فقال يوقنا انا والله رجعت عن ديني إلى دينكم بعدما كنت أعظم من تلك الصور والصلبان وما بقي في قلبي سوى محبة الرحمن ومحمد سيد ولد عدنان والجهاد عن أفضل الأديان والله على ما أقول وكيل وحق الذي لا إله إلا هو وحق محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي رايته وعاينته في المنام ان كنتم تظنون في غير ذلك فلا تتركوني أفعل شيئا مما ذكرته لكم فقال أبو عبيدة يا عبد الله ان أنت نصحت للمسلمين ولم تغدر بهم كان الله لك معينا في كل ما تحاوله فأتبع الصدق تنج به فان ديننا مبني على الصدق وأتبع سنن إخوانك المؤمنين وأعلم أن المؤمن الصادق قوته ما وجد ولباسه ما ستر ومسكنه ما وجد فلا يحزنك ما تركت من ملكك وحكمك وامارتك فان الذي تركته فان والذي تطلبه باق لان نعمة الدنيا فانية والآخرة خير وأبقى واعلم أنك في يومك هذا عار من الشرك واعلم أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر والمؤمن يتيقن ان القبر مضجعه والخلوة مجلسه والاعتبار فكره والقرآن حديثه والرب أنيسه والذكر رفيقه والزهد قرينه والحزن شأنه والحياء شعاره والجوع ادامه والحكمة كلامه والتراب فراشه والتقوى زاده والصمت غنيمته والصبر معتمده والتوكل حسبه والعقل دليله والعبادة حرفته والجنة داره وأعلم يا يوقنا أن المسيح قال عجبت لمن ليله غافل وليس بمغفول عنه ومؤمل دنيا والموت يطلبه وبان قصرا والقبر مسكنه وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم من أعطى أربعا أعطي أربعا وتفسير ذلك في كتاب الله تعالى من أعطى الذكر ذكره الله عز وجل لأن الله تعالى يقول * (فاذكروني أذكركم) * ومن أعطى الدعاء أعطى الإجابة لان الله تعالى يقول ادعوني استجب لكم ومن اعطى الشكر أعطى الزيادة لان الله تعالى يقول لئن شكرتم لأزيدنكم ومن اعطى الاستغفار أعطى المغفرة لان الله تعالى يقول استغفروا ربكم انه كان غفارا قال الواقدي حدثني عامر بن قبيصة اليشكري قال حدثني يونس ابن عبد الأعلى قراءة عليه قال شهر بن حوشب عن جده عامر بن زيد قال كنت ممن شهد فتوح الشام وكنت في فتوح قنسرين وحلب مع أبي عبيدة وكنت كثيرا ما أصحب الروم الذين دخلوا في ديننا فلم أر منهم أشد اجتهادا ولا أخلص اعتقادا ولا أعظم نية ولا أحسن في الجهاد حمية ولا أبلغ في قتال الروم من يوقنا ولقد نصح والله للمسلمين وجاهد في الكافرين وأرضى رب العالمين ولقد فعل في الروم ما لم يقدر أحد عليه من أبناء جنسه من بعد ما قاسى المسلمون منه على قلعة حلب وما تركهم ينامون ولا يقرون ليلا ولا نهارا وما قتل من المسلمين رضي الله عنهم أجمعين ذكر فتح عزاز قال الواقدي لما وعظ أبو عبيدة يوقنا وفرغ من وعظه ضم اليه مائة فارس وألبسهم زي الروم قال وكان كل عشرة من قبيلة قال وهم من طيء وفهر وخزاعة
(٢٧٤)