فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ١٦
على أصحابك وأقم بينهم وأجلس معهم ولا تكشف استار الناس واتق الله إذا لاقيت العدو وإذا وعظت أصحابك فأوجز وأصلح نفسك تصلح لك رعيتك فالامام ينفرد إلى الله تعالى فيما يعلمه وما يفعله في رعيته واني قد وليتك على من قد مررت من العرب فاجعل كل قبيلة على حميتها وكن عليهم كالوالد الشفيق الرفيق وتعاهد عسكرك في سيرك وقدم قبلك طلائعك فيكونوا امامك وخلف على الناس من ترضاه وإذا رايت عدوك فاصبر ولا تتأخر فيكون ذلك منك فخرا والزم أصحابك قراءة القرآن وانههم عن ذكر الجاهلية وما كان منها فإن ذلك يورث العداوة بينهم وأعرض عن زهرة الدنيا حتى تلتقي بمن مضى من سلفك وكن من الأئمة الممدوحين في القرآن إذ يقول الله تعالى وجعلناهم آئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عبدين قال فكان أبو بكر رضي الله عنه يوصي عمرو بن العاص وأبو عبيدة حاضر ثم قال سيروا على بركة الله تعالى وقاتلوا أعداء الله وأوصيكم بتقوى الله فان الله ناصر من ينصره قال فسلم المسلمون عليه وودعوا وساروا في تسعة آلاف مع من ذكرنا يريدون أخذ فلسطين فلما كان بعدهم بيوم واحد عقد العقود والرايات إلى أبي عبيدة بن الجراح وأمره بأن يقصد بمن معه ارض الجابية وقال يا أمين الأمة قد سمعت ما وصيت به عمرو بن العاص وودعه المسلمون فلما عاد أبو بكر والمسلمون دعا بخالد بن الوليد وعقد له راية وكانت له راية النبي صلى الله عليه وسلم وأمره على لخم وجذام وضم له جيش الزحف وكانوا شجعانا ما منهم الا من شهد الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يا أبا سليمان قد وليتك على هذا الجيش فاقصد به ارض العراق وفارس وارجوا الله ان ينصركم ثم إنه ودعه وسار خالد بمن معه يطلب العراق قال حدثني ربيعة بن قيس قال كنت في الجيش الذي وجهه أبو بكر الصديق مع عمرو بن العاص إلى فلسطين وإيليا وكان صاحب رايته سعيد بن خالد قال وبعث أبو بكر مع كل جيش أميرا وهو يدعوا لهم بالنصر وأخذه القلق على المسلمين حتى عرف ذلك في وجهه فقال له عثمان بن عفان رضي الله عنه ما هذا الغم الذي نزل بك فقال اغتممت على جيوش المسلمين وارجوا الله ان ينصرهم على عدوهم فقال عثمان والله ما خرج جيش سررت به الا هذا الجيش الذي سار إلى الشام وهذا الذي أوصى الله نبيه به وليس
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»