فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٢٣
الشمس وخرج جرجير هو وبعض ملوك الروم ودعا بالبراز وقال لا يبرز لي الا أمير العرب فسمعه أبو عبيدة فسلم الراية إلى خالد وقال أنت للراية يا أبا سليمان فان عدت من قتاله فالراية لي وان هو قتلني فامسك رأيتك حتى يرى عمر رأيه فقال خالد أنا لقتاله دونك فقال أبو عبيدة لا هو طلبني ولا بد لي من الخروج اليه وأنت شريكي في الاجر فخرج أبو عبيدة وما أحد من المسلمين الا وهو كاره لذلك فأقبلوا يسألونه فلج في الخروج فتركوه ورأيه فلما قرب أبو عبيدة من جرجير وعاينه قال له أنت أمير هذا الجيش فقال أبو عبيدة أنا ذلك وقد أجبتك إلى ما طلبت من أمر البراز فدونك وعرض الميدان فأما هزمتكم أو قتلتك واقتل ماهان بعدك فقال جرجير أمة الصليب تغلبكم وحمل جرجير على أبي عبيدة وحمل أبو عبيدة على جرجير وطال بينهما القتال وبقي خالد ينظر إلى أبي عبيدة ويدعو له بالسلامة والنصر وجميع المسلمين يدعون له قال وفر جرجير أمام أبي عبيدة وأخذ في عرض الجيش وطلب في فراره جيش المشركين في الميمنة وتبعه أبو عبيدة على أثره فعندها عطف عليه جرجير وخرج كأنه البرق والتقيا بضربتين فكان أبو عبيدة أسبق فوقعت الضربة على عاتق جرجير فخرجت من علائقه فكبر عند ذلك أبو عبيدة وكبر المسلمون ووقف أبو عبيدة على مصرع جرجير وجعل يتعجب من عظم جثته ولم يأخذ من سلبه شيئا فناداه به خالد لله درك أيها الأمير ارجع إلى رأيتك فقد قضيت ما يجب عليك فلم يرجع أبو عبيدة فاقسم عليه المسلمون أن يرجع فرجع وأخذ الراية من يد خالد ونظر ماهان إلى جرجير فعظم ذلك عليه وكبر لديه لأنه كان ركنا من أركانهم فهم بالهزيمة ثم قال في نفسه ماذا يكون عذري عند هرقل ولا بد أن أبرز إلى الحرب فان قتلت فقد استرحت من العار وان سلمت كان لي عند الملك عذر أحسن من أن أولي الادبار ثم أنه أعلم رجاله أنه يريد المبارزة بنفسه وأخذ عدته ولبس زينته وخرج كأنه جبل ذهب يلمع ثم جمع اليه البطارقة والقسوس والرهبان وقال لهم ان الملك هرقل كان أعلم منكم بهذا الامر وانه أراد الصلح فخالفتموه فها أنا أبرز أليهم بنفسي فتقدم اليه بطريق من بطارقة السرير وكان فيه نسك ودين وكان يعظم الكنائس والرهبان ويتبع ما فرض عليه في الإنجيل وكان يقرب من جرجير في النسب فلما علم بقتله عظم عليه وقال وحق الصليب لابرزن إلى المسلمين وآخذ بالثأر فاما أن الحق به واما أن أقتل قاتله ثم قال ماهان قد تعين علي الجهاد وأنا أؤدي فرض المسيح ولا بد لي من المبارزة قال فتركه ماهان فخرج وكان أسمه جرجيس وكان عليه درع وعلى الدرع ثوب حديد متقلد بسيفه ومعه فنطارية وعوذته القسوس وبخروه ببخور الكنائس واقبل اليه راهب عمورية وأعطاه صليبا كان في عنقه وقال هذا الصليب من أيام المسيح يتوارثه الرهبان ويتمسحون به فهو ينصرك فأخذه جرجيس ونادى البراز بكلام عربي فصيح حتى ظن الناس انه عربي من المتنصرة فخرج اليه ضرار بن الأزور كأنه شعلة
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»