فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٢٢
وعياض ورافع وعبد الله بن ياسر وعبد الله بن أوس وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وغانم بن عبد الله ومثل هؤلاء السادات فلما اجتمعوا سار بهم أبو الجعيد على غير المخاضة وقصدبهم عسكر الروم فلما كادوا يخالطونهم اخذ أبو الجعيد منهم رجالا ودلهم على المخاضة ولم يكن يعلم بها أحد سواه ممن سكن اليرموك وقال لهم ناوشوهم الحرب ثم انهزموا ودعوني وإياهم ففعلوا ذلك وصاحوا فيهم وحملوا ثم انهزموا قدامهم نحو المخاضة فعند ذلك صاح أبو الجعيد برفيع صوته يا معاشر الروم دونكم ومن انهزم فهؤلاء المسلمون قد أوقدوا نيرانهم وعولوا على الحرب قال فأقبلت الروم على حال عجلة يظنون أن ذلك حق فبعضهم ركب جواجه عريانا وبعضهم راجل وساروا في طلب المنهزمين وأبو الجعيد يعدو بين أيديهم إلى أن أوقفهم على الناقوصة وقال لهم هذه المخاضة دونكم وإياهم فاقبلوا يتساقطون في الماء كتساقط الجراد حتى هلك في الماء ما لا يعد ولا يحصى عددا ولا يدركه جنان فسمتها العرب الناقوصة لنقص الروم قال الواقدي هذا ما جرى للروم ولا يعلم الأول بما جرى للآخر حتى أصبحوا فنظروا المسلمين في أماكنهم فعلموا أنهم قد دهموا في الليل وقل عددهم وتبدد شملهم فقال بعضهم لبعض من كان الصائح في ليلتنا قال الرجل الذي عبثتم بزوجته وقتلتم ولده وقد أخذ بثاره منكم قال فلما أصبح ماهان وعلم الحقيقة وعلم ما نزل بأصحابه علم أنه هالك لا محالة وأن العرب ظافرون عليه فبعث إلى قورين فقال ما ترى أن أصنع وقد ظهرت العرب علينا وان حملوا علينا حملة لم ينفلت منا أحد فهل لك أن تسألهم أن يأخروا القتال حتى نفعل الحيلة في خلاص أنفسنا قال قورين أفعل ذلك قال فدعا ماهان برجل من لخم وبعثه إلى المسلمين يقول لهم اعلموا أن الحرب سجال والدنيا زوال وقد مكرتم بنا فلا تبغوا فالبغي له مصرع واخروا الحرب عنا يومنا هذا فإذا كان غد يكون الانفصال بيننا وبينكم قال فأقبل اللخمي إلى أبي عبيدة وبلغه الرسالة فهم أبو عبيدة أن يجيبهم إلى ذلك فمنعه خالد من ذلك وقال له لا نفعل أيها الأمير فما عند القوم خير بعد ذلك فقال أبو عبيدة ارجع إلى صاحبك وقل له لا نؤخر عنك القتال وانا على عجل من أمرنا فرجع الرسول إلى ماهان فأعلمه بجواب أبي عبيدة فعظم عليه وكبر لديه وكفر وتجبر وقال لقد كنت أتربص بنفسي عن العرب أرجو بذلك الصلح فوحق الصليب لا يبرز لهم غيري ثم صرخ بالروم وأصحاب سرير الملك ومن كان يتكل عليه في الشدائد وأمرهم ان يأخذوا الأهبة فاستعدوا وخرج ماهان في مقدمة الجيش والصليب أماه وإذا بالمسلمين أخذوا مصافهم للقتال وذلك أن أبا عبيدة صلى بالمسلمين صلاة الفجر وأمرهم بالسرعة للقتال وأخذوا مواضعهم للحرب ففعلوا وقد أيقنوا أنهم منصورون على عدوهم وصف أبو عبيدة أصحاب الرايات ووقف هو وخالد في الخيل المعروفة بخيل الزحف وطلعت
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»