فتوح الشام - الواقدي - ج ١ - الصفحة ٢٢١
الليلة عن الحرس بما لحقهم من التعب في الجهاد طول يومهم فهل لك ان تساعدني على حرس المسلمين فأجبتها إلى ذلك فشكرهما أبو عبيدة وعزم عليهما أن يرجعا فلم يفعلا ولم يزالا كذلك إلى الصباح قال الواقدي حدثني أبو عبيدة عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن ابن حبيران ابا الجعيد كان رئيسا من رؤساء أهل حمص فلما اجتمعت الروم على المسلمين في اليرموك دخلوا على حمص ونزلوا في بلدة تسمى الزراعة وكان أبو الجعيد هذا قد جعلها مسكنه لطيب هوائها ومائها وانتقل من حمص إليها فنزل عسكر الروم على الزراعة عنده وكان فيها عرس لأبي الجعيد وزوجته تزف عليه في تلك الليلة قال فتكلف أبو الجعيد بضيافة الروم وأكرمهم وأطعمهم وسقاهم الخمر فلما فرغوا من أمورهم قال هات امرأتك الينا فأبى ذلك وسبهم فأبوا الا أخذ العروس فلما شنع عليهم بذلك عمدوا إلى العروس واخذوها كرها منه وعبثوا بها بقية ليلتهم فبكى أبو الجعيد من حزنه ودعا عليهم فقتلوا أولاده وكان له ولد من زوجة غيرها قال فأقبلت أم الفتى فأخذت رأس ولدها في خمارها وأقبلت به إلى مقدم ذلك الجيش ورمت الرأس اليه وشكت حالها وقالت له انظر ما صنع أصحابك بولدي فخذ بحقي فلم يعبأ بكلامها فقالت له أم الفتى والله لتنصرن العرب عليكم ورجعت وهي تدعو عليه فما كان الا يسير حتى هلكوا في أيدي المسلمين قال فلما كان يوم اليرموك بعدها قتل النسطور أتى أبو الجعيد إلى عساكر المسلمين وقال لخالد أعلم أن هذا الجيش النازل بازائكم جيش عظيم ولو سلموا أنفسهم إليكم للقتل لما فرغتم من قتلهم الا في المدة الطويلة فان كدتهم لكم في هذه الليلة مكيدة تظفرون بها عليهم ماذا تعطوني قالوا نعطيك كذا وكذا تؤدي جزية أنت وولدك وأهل بيتك ونكتب لك بذلك عهدا إلى آخر عقبك قال الواقدي فلما استوثق منهم لنفسه مضى إلى الروم وهم لا يعلمون وأتى إلى واد عظيم مملوء ماء فأنزل الروم إلى جانبه وقال لهم ان هذا المنزل به العرب وأنا سأكيد لكم العرب بمكيدة يهلكون بها قال وجعل الناقوصة فيما بين الروم والعرب ولم يعلم أحد من الروم ما عمقها قال فلما كان يوم التعوير وعلم أبو الجعيد ان النصر للعرب وأن العرب هم المنصورون جاء أبو الجعيد إلى أبو عبيدة فوجده يطوف تلك الليلة هو وجماعة من المسلمين المهاجرين فقال لهم ما قعودكم قالوا وما نصنع قال إذا كان ليلة غد فأكثروا من النيران ثم رجع إلى الروم لينصب عليهم حيلة فلما كانت الليلة الثانية أوقد المسلمون أكثر من عشرة آلاف نار فلما اشتعلت النيران أقبل إليهم أبو الجعيد فقالوا قد أشعلنا النيران كما أردت فما بعد ذلك قال أريد منكم خمسمائة رجل من أبطالكم حتى أشير عليهم بما يصنعون قال الواقدي فاختار من المسلمين خمسمائة رجل من جملتهم ضرار بن الأزور
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»