الرهبان فقال أيها الملك ما أرى لك إلى البراز سبيلا ولا أحبه لك قال ولم ذلك قال لأني رأيت لك رؤيا فارجع ودع غيرك يبرز فقال ماهان لست أفعل والقتل أحب إلي من العار قال فبخروه وودعوه وخرج ماهان إلى القتال وهو كأنه جبل ذهب يبرق وأقبل حتى وقف بين الصفين ودعا إلى البراز وخوف باسمه فكان أول من عرفه خالد بن الوليد فقال هذا ماهان هذا صاحب القوم قد خرج ووالله ما عندهم شيء من الخير قال وماهان يرعب باسمه فخرج اليه غلام من الأوس وقال والله انا مشتاق إلى الجنة وحمل ماهان وبيده عمود من ذهب كان تحت فخذه فضرب به الغلام فقتله وعجل الله بروحه إلى الجنة قال أبو هريرة رضي الله عنه فنظرت إلى الغلام عندما سقط وهو يشير بإصبعه نحو السماء ولم يهله ما لحقه فعلمت أن ذلك لفرحه بما عاين من الحور العين قال فجال ماهان على مصرعه وقوي قلبه ودعا إلى البراز فسارع المسلمون اليه فكل يقول اللهم اجعل قتله على يدي وكان أول من برز مالك النخعي الأشتر رضي الله عنه وساواه في الميدان فابتدر مالك ماهان بالكلام وقال له أيها العلج الأغلف لا تغتر بمن قتلته وانما أشتاق صاحبنا إلى لقاء ربه وما منا الا من هو مشتاق إلى الجنة فان أردت مجاورتنا في جنات النعيم فانطق بكلمة الشهادة أو أداء الجزية والا فأنت هالك لا محالة فقال له ماهان أنت صاحبي خالد بن الوليد قال لا أنا مالك النخعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ماهان لا بد لي من الحرب ثم حمل على مالك وكان من أهل الشجاعة فاجتهدا في القتال فأخرج ماهان عموده وضرب به مالكا على البيضة التي على رأسه فغاصت في جبهة مالك فشترت عينيه فمن ذلك اليوم سمي بالأشتر قال فلما رأى مالك ما نزل به من ضربة ماهان عزم على الرجوع ثم فكر فيما عزم عليه فدبر نفسه وعلم أن الله ناصره قال والدم فائر من جبهته وعدو الله يظن أنه قتل مالكا وهو ينظره متى يقع عن ظهر فرسه وإذا بمالك قد حمل وأخذته أصوات المسلمين يا مالك استعن بالله يعينك على قرينك قال مالك فاستعنت بالله عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضربته ضربة عظيمة فقطع سيفي فيه قطعا غير موهن فعلمت ان الاجل حصين فلما أحسن ماهان بالضربة ولى ودخل في عسكره قال الواقدي ولما ولى ماهان بين يدي مالك الأشتر منهزما صاح خالد بالمسلمين يا أهل النصر والباس احملوا على القوم ما داموا في دهشتهم ثم حمل خالد ومن معه من جيشه وحمل كل الامراء بمن معهم وتبعهم المسلمون بالتهليل والتكبير فصبرت لهم الروم بعض الصبر حتى إذا غابت الشمس وأظلم الأفق انكشف الروم منهزمين بين أيديهم وتبعهم المسلمون يأسرون ويقتلون كيف شاءوا فقتلوا منهم زهاء من مائة ألف وأسروا مثلها وغرق في الناقوصة منهم مثلها وأمم لا تحصى وتفرق منهم في الجبال والأودية وخيول المسلمين من ورائهم يقتلون ويأسرون ويأتون من الجبال بالأسارى ولم يزل المسلمون يقتلون ويأسرون إلى أن راق الليل فقال أبو عبيدة
(٢٢٥)