أتركهم إلى الصباح فتراجعت المسلمون وقد امتلأت أيديهم من الغنائم والسرادقات وآنية الذهب والفضة والزلازل والنمارق والطنافس قال الواقدي ووكل أبو عبيدة رجالا من المسلمين بجمع الغنائم وبات المسلمون فرحين بنصر الله حتى أصبحوا فإذا ليس للروم خبر ووقع أكثرهم في الناقوصة في الليل قال عامر بن ياسر حدثني نوفل بن عدي عن جابر بن نصر عن حامد بن مجيد قال أراد أبو عبيدة أن يحصى عدد المشركين فلم بقدر أن يحصي ذلك فأمر بقطع القصب من الوادي وجعل على كل قتيل قصبة ثم عدوا القصب فإذا القتلى مائة ألف وخمسة آلاف والأسارى أربعون ألفا غير من غرق في الناقوصة وقتل من المسلمين أربعة آلاف ووجد أبو عبيدة رؤوسا في اليرموك فلم يعلم أهم من العرب أم من الروم قال ثم إنه صلى على قتلى المسلمين وسار في طلبهم إلى الجبال والأودية وإذا هم براع قد استقبلهم فسألوه هل مر بك أحد من الروم قال نعم مر بي بطريق ومعه زهاء من أربعين ألفا قال الواقدي وكان ذلك ماهان لعنه الله فاتبعهم خالد بن الوليد وجعل يقفو أثرهم ومعه عسكر الزحف فأدركهم على دمشق ولما أشرف عليهم كبر وكبر المسلمون وحملوا ووضعوا فيهم السيف فقتل مقتلة عظيمة وكان ماهان قد ترجل عن جواده وقيل إنه ترجل ينكر نفسه ويسلم من القتل فأتاه رجل من المسلمين فحامى عن نفسه فقتله الرجل وكان قاتله النعمان ابن جهلة الازدري وعاصم بن خوال اليربوعي وقد اختلفوا في أيهما قتل ماهان قال الواقدي وخرج أهل دمشق إلى لقاء خالد وقالوا له نحن على عهدنا الذي كان بيننا وبينكم قال خالد أنتم على عهدكم ومضى في طلب الروم يقتلهم حيث وجوهم حتى انتهى إلى ثنية العقاب وأقام تحتها يوما ثم مضى إلى حمص ونزل بها وبلغ ذلك أبا عبيدة فسار حتى لحق به فيمن معه قال والامراء في طلب الروم من كل جهة من الشام ثم اجتمعوا وعادوا إلى دمشق وجمع أبو عبيدة الغنائم واخرج منها الخمس وكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتاب البشارة والفتح بسم الله الرحمن الرحيم وصلوات الله على نبيه المصطفى ورسوله المجتبي صلى الله عليه وسلم من أبي عبيدة عامر بن الجراح أما بعد فأنا أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأشكره على ما أولانا من النعم وخصنا به من كرمه ببركات بني الرحمة وشفيع الأمة صلى الله عليه وسلم وأعلم يا أمير المؤمنين أني نزلت اليرموك ونزل ماهان مقدم جيوش الروم بالقرب منا ولم ير المسلمون أكثر جمعا منه فأقصى الله تلك الجموع ونصرنا عليهم بمنه وكرمه وفضله فقتلنا منهم زهاء من مائة ألف وخمسة آلاف وأسرنا منهم أربعين ألفا واستشهد من المسلمين أربعة آلاف ختم الله لهم بالشهادة ووجدت في المعركة رؤوسا مقطوعة لم أعرفها فصليت عليها
(٢٢٦)