رجل من شجعان الرجال قال حازم بن معن وبرز من المشركين في قلب الوقعة أصحاب الديباج والحرير والتجافيف على الخيول الشهب والبلق كأنها من الجبال الراسيات فلما برزوا غاصوا في القلب وكروا كرة واحدة ورفعوا في وسطهم صليبا من الجوهر وحملت ميمنتهم على ميسرتنا وميسرتهم على ميمنتنا وقد شردوا إلى النساء والنساء يضربن وجوههم فجعلن يصحن بهم الله الله لا تغموا الاسلام بهزيمتكم واتقوا ربكم قال كان بين يدي أبي عبيدة رجل من محرز أسمه نجم بن مفرح وكان من خطباء العصر وأفصح العرب لسانا واجرئها جنانا وكان رفيع الصوت حسنه جدا فقصده العرب والفصحاء يسمعون ما ينطق به من نظمه ونثره قال الواقدي حدثني عبد الملك بن محمد عن أبيه عن حسان بن كعب عن عبد الواحد عن عوف عن موسى بن عمران اليشكري قال رايت نصر بن مازن وهو بجامع النيل يحدث عن وقعة اليرموك قال مارد الناس عن الهزيمة بعد قضاء الله إلى نصرة الاسلام الا غلام رجل من بني محارب يقال له نجم بن مفرح وكان لا يتكلم الا بالسجع يؤلفه بحسن نظمه ولقد حفظنا منه يوم اليرموك ما نحن نذكره عنه ولقد بلغني ان البلغاء الفصحاء المتأخرين مثل الأصمعي وأبي عبيدة اللغوي ينسجان على منواله في حسن كلامه فكان من جملة ما وعظ به المسلمين يوم اليرموك وقت هزيمتهم أيها الناس هذا يوم له ما بعده وقد عاينتم قربه من بعده ولن تنال الجنة الا بالصبر على المكاره وتالله لا ينالها من هو للجهاد كاره وينشد * ولله في عرض السماوات جنة * ولكنها محفوفة بالمكاره * واعلى الدرجات درجة الشهادة فارضوا عالم الغيب والشهادة وهذا الجهاد قد قام على ساقه وكسد النفاق في أستواقه وأخفى نفاقه في نفاقه وأنتم أصحاب نبي العصر فأيستم من الثبات والنصر بشروا روح المصطفى بثباتكم وقوموا العزم بصفاء نياتكم وإياكم ان تولوا الادبار فتستوجبوا عذاب النار وغضب الجبار فوالذي قدر الاقدار وأدار الفلك الدوار وكل شيء عنده بمقدار لقد تزينت لكم الحور العين بأيديهن أباريق وكأس من معين فمن طلب دار البقاء هان عليه ما يلقى فحققوا حملتكم تنالوا بغيتكم واطعنوا الصدور تنالوا الحور وشرعوا الأسنة تنالوا الجنة واغتنموا الصبر يكتب لكم الاجر بشروا المؤمنين بحسن عملكم وإياكم ان تضلوا عن سبيلكم لا توافقوا الكفار في جهنم واعدلوا عن طريق قولهم ووافقوا من سلف من أسلافكم في فعلهم واسمعوا ما نزل في القرآن من أجلهم * (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) * سيروا فقد سبق المفردون واجتهدوا فقد فاز المجتهدون يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون
(٢١٩)