قال وحمل خالد بن الوليد بعصابة حمراء وهو يفزع الروم باسمه ويقول انا خالد ابن الوليد فبرز اليه بطريق يقال له النسطور وعليه الديباج فأقبل يدعو خالد ويهمهم وخالد في القتال لا يشعر به ولا يدري ما يقول فعندما سمعه يرطن عطف عليه فاقتتلا قتالا شديدا فبينما هما في أشد القتال إذ كبا بخالد الجواد فوقع الفرس على يديه وهوى خالد على أم رأسه فقال الناس لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم قال الواقدي وخالد يقول حي حي فعلا البطريق على ظهر خالد في عثرته وقد سقطت قلنسوته من رأسه فصاح قلنسوتي رحمكم الله فأخذها رجل من قومه من بني مخزوم وناوله إياها فأخذها خالد ولبسها فقيل له فيما بعد يا أبا سليمان أنت في مثل هذا الحال من القتال وأنت تقول قلنسوتي فقال خالد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه في حجة الوداع أخذت من شعره شعرات فقال لي ما تصنع بهؤلاء يا خالد فقلت أتبرك بها يا رسول الله وأستعين بها على القتال قتال أعدائي فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال منصورا ما دامت معك فجعلتها في مقدمة قلنسوتي فلم ألق جمعا قط الا انهزموا ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم شدها بعصابة حمراء وحمل على النسطور وضربه على عاتقه أخرج السيف من علائقه وانسر من بقي من ملوكهم وكرهوا البراز بعد ذلك فكان يدعوهم إلى البراز فلا يخرج اليه أحد ولم يزل يضرب فيهم بسيفه حتى كل فاشفق عليه الحرث بن هشام المخزومي فقال لأبي عبيدة أيها الأمير لقد قضى خالد ما يجب عليه وأدى السيف حقه فلم لا أمرته أن يريح نفسه قال فمشى أبو عبيدة إليه وجعل يعزم عليه أن لا يتقدم ويسأله أن يريح نفسه فقال خالد أيها الأمير أما والله لأطلبن الشهادة بكل وجه فان أخطاتني فالله يعلم نيتي وحمل فلم يرجع عن حملته حتى جلاها وذلك أن كل المسلمين استعفوه في حملته وأقبلوا على القتال من بعد هزيمتهم والنساء أمام الرجال ولم يزل الحرب بين الفريقين حتى انقلب الروم على أعقابها وقد قتل منهم ألوف عديدة وأما أصحاب السلاسل فانحطم أكثرهم ووطئتهم الخيل بحوافرها ولم يزل القتال بينهم حتى مالت الشمس بغروبها وانفصل الجمعان وقد جرت الدماء بينهم وفرشت الأرض بالقتلى والجراح فاشية في الجمعين لكن في الروم أكثر ورجع كل قوم إلى اصلاح شأنهم ومداواة جرحاهم واما النساء فأصلحن الطعام وشددن الجروح وداوين السقام ولم يقل أبو عبيدة لاحد من المسلمين من يكون الليلة على حرس المسلمين لما عندهم من التعب بل إنه تولى الحرس بنفسه ومعه جماعة من المسلمين قال فبينما هو يدور إذ رأى فارسين قد لقياه وهما يدوران بدورانه فكلما قال لا اله إلا الله قالا محمد رسول الله فقرب أبو عبيدة منهما فإذا هما الزبير بن العوام وزوجته أسماء بنت أبي بكر الصديق فسلم عليهما وقال يا أبن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي أخرجكما قال الزبير نحرس المسلمين وذلك أن أسماء قالت لي يا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المسلمين مشتغلون بأنفسهم في هذه
(٢٢٠)