مانعة وهو يهدر كالأسد فحمل خالد بن الوليد عليه وضربه على رأسه فوقع سيفه على البيضة فطار السيف من يد خالد بن الوليد وبقيت قبضته في يده فطمع العلج فيه وحمل عليه ولاصقه حتى حك ركابه بركاب خالد وتعانقا جميعا بالسواعد والمناكب فضم خالد العلج إلى صدره واحتضنه بيده وشد عليه بقوته فطحن أضلاعه وأدخل بعضها في بعض فارداه قتيلا واخذ خالد سيف العلج وهزه في يده حتى طار منه الشرر ووضع رأسه في قربوس سرجه وحمل وصاح في بني مخزوم فحملوا حملة عظيمة وهاجوا في أوساطهم وخالد بن الوليد رضي الله عنه يفرقهم يمينا وشمالا وهو ينادي برفيع صوته أنا الفارس الصنديد انا خالد بن الوليد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزالوا في القتال الشديد الذي ما عليه من مزيد حتى توسطت الشمس في كبد السماء وحمى الدرع على خالد بن الوليد رضي الله عنه فخرج من المعركة وبنو مخزوم يتقاطرون من خلفه والدم يسيل ملء درعهم وسواعدهم كأنها شقائق الأرجوان وخالد بن الوليد رضي الله عنه في أوائلهم وهو يقول * ويل لجمع الروم من يوم شغب * اني رأيت الحرب فيه تلتهب * وكم لقوا منا مواقع النصب * وكم تركت الروم في حال العطب * قال فناداه الأمير أبو عبيدة لله درك يا أبا سليمان لله ربك لقد جاهدت في الله حق جهاده فلما نظر المرقال بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى غفلة الروم صاح في بني زهرة وحملوا في ميمنة الروم وحمل ميسرة بن مسروق العبسي في قومه وحمل عكرمة بن أبي جهل وحوله جمع كثير من بني مخزوم وحمل المسلمون بأجمعهم وقد اطلعوا على الشهادة وأيقنوا بالعناية معركة حمص قال الواقدي فلم يكن يوم حمص أشد حربا ولا أقوى جلدا من بني مخزوم غير أن عكرمة بن أبي جهل كان أشدهم بأسا واقداما وهو يقصد الأسنة بنفسه فقيل له اتق الله وارفق بنفسك فقال يا قوم انا كنت أقاتل عن الأصنام فكيف اليوم وانا أقاتل في طاعة الملك العلام واني أرى الحور متشوقات إلي ولو بدت واحدة منهن لأهل الدنيا لاغنتهم عن الشمس والقمر ولقد صدقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما وعدنا ثم سل سيفه وغاص في الروم ولم يزدد الا اقداما وقد عجبت الروم من حسن صبره وقتاله فبينما هو كذلك إذ حمل عليه البطريق هربيس صاحب حمص وبيده حربة عظيمة تضيء وتلتهب وهزها في كفه وضربه بها فوقعت في قلبه ومرقت من ظهره فانجدل صريعا وعجل الله تعالى بروحه إلى الجنة فلما نظر خالد بن الوليد إلى ابن عمه وقد وقع صريعا اقبل حتى وقف عليه وبكى وقال يا ليت عمر بن الخطاب نظر إلى ابن عمي صريعا حتى يعلم انا إذا لاقينا العدو ركبنا الأسنة ركوبا قال ولم يزالوا في
(١٥٧)