العرب يميل بعضهم إلى بعض قال فعندها دعا ماهان بجبلة بن الأيهم الغساني وقال يا جبلة اخرج إلى هؤلاء وخوفهم من كثرتنا وتواتر عددنا وألق في قلوبهم الرعب وأحط بهم مكرك قال فخرج جبلة بن الأيهم وسار حتى قرب من عساكر المسلمين ونادى برفيع صوته يا معاشر العرب ليخرج إلي رجل من ولد عمرو بن عامر لاخاطبه بما أرسلت به فلما سمع الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه كلام جبلة بن الأيهم قال قد بعث إليكم القوم بأبناء جنسكم يريدون الخديعة بصلة الرحم والقرابة فابعثوا اليه رجلا من الأنصار من ولد عمرو بن عامر فأسرع اليه بالخروج عبادة بن الصامت الخزرجي رضي الله عنه وقال لأبي عبيدة إيها الأمير أن أخرج إليه وأنظر ماذا يقول فأجيب عنه ثم خرج عبادة نحوه بجواده إلى أن وقف أمام جبلة بن الأيهم فنظر جبلة إلى رجل أسمر طويل شديد السمرة كأنه من رجال شنوءة فهابه ودخل الرعب في قلبه من عظم خلقته وكان عبادة بن الصامت من الخطاط رضي الله عنه فقال له جبلة يا فتى من أي الناس أنت فقال عبادة أنا من من ولد عمرو بن عامر فقال جبلة حييت فمن أنت فقال عبادة بن الصامت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأل عما تريد فقال جبلة يا ابن العم انما خرجت إليكم لأني أعلم أن أكثركم من الرحم والقرابة فخرجت إليكم ناصحا ومشيرا واعلم أن هؤلاء القوم الذين قد نزلوا بازائكم معهم جنود لا قبل لكم بها وخلفهم عساكر وحصون وقلاع وأموال ولا تقولوا كسرنا وهزمنا عساكر الروم وأعلم أن الحرب دول وسجال وان هزمكم هؤلاء القوم لا يكون لكم ملجأ غير الموت وهؤلاء القوم ان انهزموا يرجعون إلى بلادهم وعساكرهم والخزائن والحصون وما قد نلتم نيلا فخذوه وامضوا إلى بلادكم سالمين قال عبادة بن الصامت يا جبلة أما علمت ما لقينا من جموعكم المتقدمة باجنادين وغيرها وكيف نصرنا الله عليكم وهرب طاغيتكم ونحن نعلم من بقي من جموعكم قد تيسر علينا أمره ونحن لا نخاف ممن يقدم علينا من جموعكم وقد ولغنا في الدماء فلم نجد أحلى من دماء الروم وأنا يا جبلة أدعوك إلى دين الاسلام وأن تدخل مع قومك في ديننا وتكون على شرفك في الدنيا والآخرة ولا تكون تابع علج من علوج الروم تفديه بنفسك من المهالك وأنت رجل من سادات العرب وملوكهم وان ديننا ظهر أوله وآخره يظهر كما ظهر أوله فاتبع سبيل من أناب إلى الحق وصدق به فقل لا إله إلا الله محمد رسول الله اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الواقدي فغضب جبلة بن الأيهم من كلام عبادة بن الصامت وقال لست مفارقا ديني فقال عبادة بن الصامت فان أبيت الا ما أنت عليه من الكفر فإياك أن تلقاني في الموعد الأول فان لنا وقعة عظيمة فان أخذتك شفار سيوفنا فلا تخلص من شفارها ودعنا وعساكر الروم فهم أهون علينا فان أبيت الا ما أنت عليه حل بك
(١٦٨)