الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ٤ - الصفحة ١٢٤
القرآن اسم لما أنزل بلسان عربي مبين، وحيا من الروح الأمين إلى قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم من الآيات والسور الموجودة فيما بين الدفتين وهو الكتاب الشريف الآلهي وأحد الثقلين اللذين يجب علينا التمسك بهما، وبما أن القرآن الشريف مشتمل على ما لا يعلم ظاهره أو باطنه الا الله تعالى أو من أعطاه علم الكتاب، فليس هو نظير سائر الكتب المؤلفة للبشر في امكان نقلها بتمام مراد مؤلفيها إلى سائر اللغات فبأي شئ يا ترى يترجم فواتح السور منه، وبماذا يترجم المتشابهات التي يلزم من الاخذ بظواهرها خلاف الواقع والمراد، وباي قرائتين يترجم فيما يختلف المعنى باختلافهما في الاعراب أو في المواد، وكيف تحفظ في الترجمة مزايا اللفظ العربي ولطائف محسناته، وأي لغة تحتوي على البدايع الأدبية وجهات البلاغة المودعة فيه حتى تعادل لغة القرآن وتوازيه وتعود ترجمة له، نعم يمكن ترجمة خصوص ظواهر آيات الاحكام والآداب والقصص و أمثالها من القرآن بلغة أخرى وان فات بالترجمة جميع المزايا التي بها عجزت الإنس والجن عن الاتيان بآية واحدة مثله ومع ذلك تعد عند أهل العرف هذه الترجمة كسوة ثانية لمعاني تلك الألفاظ الآلهية فينبغي أن يراعى في كتاب الترجمة جميع الشؤون والاحترامات العرفية التي لاصله ويحترز عن هتكه وتوهينه بمجرد تلك الإضافة واما سائر الأحكام الثابتة في شرع الاسلام، من حرمة المس من غير طهر، وحرمة التنجيس، ووجوب إزالة النجاسة عنه، ووجوب القراءة به في الصلاة، ووجوب الانصات لها، وغير ذلك فإنما يلحق جميعها لنفس تلك الآيات والسور العربية وهي خاصة بها بعينها، وأما ترجمتها بلغة أخرى فلا يترتب عليها شئ من تلك الآثار مطلقا وان طابقتها حرفا بحرف، إذ لا يخرج كتاب الترجمة عن كونه تأليف البشر نظير كتب التفاسير الفارسية والهندية التي هي ترجمة وزيادة شروح وبيانات، وقد ترجم القرآن بكثير من اللغات قديما وحديثا منها:
(ترجمة القرآن) باللاتينية (في 1143 م) كما ذكره فرهاد ميرزا في " زنبيل " وذكر أبو القاسم السحاب في " ترجمة تاريخ القرآن " (ص - 113) أن المترجم باللاتينية التي هي لغة كتبهم العلمية في التاريخ المذكور هو (روبرت كنت) وانما ترجمه للتوصل إلى الرد والاعتراض على القرآن، ثم ترجم إلى اللاتينية مرة أخرى (في 1509 م) وترجمه (بيت لياندر) باللاتينية أيضا (في 1543 م) لكنهم منعوا من نشر هذه التراجم قبل ضم
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»