كشف الظنون - حاجي خليفة - ج ٢ - الصفحة ١٥٢٨
في ماهياتها وانما هو في اعراضها فبعضه في اعراضها الذاتية وبعضه في اعراضها العرضية والثانية ان كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فإنه يمكن انتقال كل واحد منهما إلى الآخر فإن كان العرض ذاتيا عسر الانتقال وإن كان مفارقا سهل الانتقال والعسر في هذه الصناعة انما هو لاختلاف أكثر هذه الجواهر في اعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسيرا جدا انتهى كلامه. وقال الامام شمس الدين محمد ابن إبراهيم بن ساعد الأنصاري إذا أراد المدبر ان يصنع ذهبا نظير ما صنعته الطبيعة من الزئبق والكبريت الطاهرين فيحتاج إلى أربعة أشياء كمية كل واحد من ذينك الجزئين (الجزئيين) وكيفيته ومقدار الحرارة الفاعلة للطبخ وزمانه وكل واحد منها عسر التحصيل واما ان أراد ذلك بان يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا [1] ويلقيه على الفضة ليمتزج بها ويستقر خالدا فيها ويكسوها لون الذهب ورزانته فاستخراج ذلك بالتجربة يحتاج إلى استقراء حال جميع المعدنيات وخواصها وان استخرجه بالقياس فمقدماته مجهولة ولاخفاء في عسر ذلك ومشقته انتهى. وقال الصفدي زعم الطبيعيون في علة كون الذهب في المعدن ان الزئبق لما كمل طبخه جذبه إليه كبريت المعدن فأجنه في جوفه لئلا يسيل سيلان الرطوبات فلما اختلطا واتحدا وذابت الحرارة في طبخهما ونضجهما انعقد عند ذلك منهما ضروب المعادن فإن كان الزئبق صافيا والكبريت نقيا واختلطت أجزاؤهما على النسبة وكانت حرارة المعدن معتدلة لم يعرض لها عارض من البرد واليبس ولا من الملوحات والمرارات والحموضات انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الأبريز وهذا المعدن لا يتكون الا في البراري الرملة والأحجار الرخوة ومراعاة الانسان النار في عمل الذهب بيده على مثل هذا النظام مما يشق معرفة الطريق إليه والوصول إلى غايته.
ويا دارها بالخيف ان مزارها * * قريب ولكن دون ذلك أهوال وذكر يعقوب الكندي في رسالته تعذر فعل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله وخدع أهل هذه الصناعة وجهلهم وأبطل دعوى الذين يدعون صبغة الذهب والفضة. قال المنكرون لو كان

[1] الاكسير دواء دبره الحكماء ويلقونه إلى الجسد الذائب حال كونه منفعلا بالذوبان فاحاله إلى طبيعة الشمس والقمر كإحالة السم مما وصل من الجسد إلى الفساد الا ان إحالة الاكسير إلى الصلاح وعبروا عن مادة الاكسير بالحجر المكرم وحجر موسى (منه).
(١٥٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1523 1524 1525 1526 1527 1528 1529 1530 1531 1532 1533 ... » »»