معرفة؟؟ ذلك بالالهامات السماوية والقياسية العقلية والحسية وكذلك فعل أيضا اسقليقندريوس واندر وماخس و.. [1] وغيرهم في تراكيب الترياق والمعاجين والحبوب والاكحال والمراهم فإنهم قاسوا قوى الأدوية بالنسبة إلى مزاج أبدان البشر والأمراض العارضة فيها وركبوا من الحار والبارد والرطب واليابس دواء واحدا ينتقع به في المداواة بعد مراعاة الأسباب.. [2] كما فعل ذيمقراط أيضا في استخراج صنعة اكسير الخمر فإنه نظر أولا في أن الماء لا يغادر الخمر في شئ من القوام والاعتدال لأنه ماء العنب ووجد من خواص الخمر خمسا هن اللون والطعم والرائحة والتفريح والاسكار فاخذ إذ شرع من أول تركيبه الأدوية (للأدوية) العقاقير الصابغة للماء بلون الخمر ثم المشاكلة في الطعم ثم المعطرة للرائحة ثم المفرحة ثم المسكرة فسحق منها اليابسات وسقاها بالمائعات حتى اتحدت فصارت دواء واحدا يابسا إذا أضيف منه القليل (إلى الكثير) صبغ (صبغه) اه من رسالة أرسطو. قال الجلدكي في نهاية الطلب ان من عادة كل حكيم ان يفرق العلم كله في كتبه كلها ويجعل له من بعض كتبه خواص يشير إليها بالتقدمة على بقية الكتب لما اختصوا به من زيادة العلم كما خص جابر من جميع كتبه كتابه المسمى بالخمسمائة وكما خص مؤيد الدين من كتبه كتابه المسمى بالمصابيح والمفاتيح وكما خص المجريطي كتابه الرتبة وكما خص ابن أميل كتابه المصباح. ثم قال الجلدكي ومن شروط العالم ان لا يكتم ما علمه الله تعالى من المصالح التي يعود نفعها على الخاص والعام الا هذه الموهبة فان الشرط فيها ان لا يظهرها بصريح اللفظ ابدا ولا يعلم بها الملوك لا سيما الذين لا يفهمون.
ومن العجب ان المظهر لهذه الموهبة مرصد لحلول البلاء به من عدة وجوه إحداها انه ان أظهرها لمن ينم عليه فقد حل به البلاء لان ما عنده مطلوب الناس جميعا فهو مرصد لحلول البلاء لانهم يرون انتزاع مطلوبهم من عنده وربما حملهم الحسد على اتلافه وان أظهره لملك يخاف عليه منه فان الملوك أحوج الناس إلى المال لان به قوام دولتهم فربما يخيل منه انه يخرج عنه دولته بقدرته على المال لا سيما ومال الدنيا كله حقير عند الواصل لهذه الموهبة. قال صاحب كنز الحكمة فاما الواصل إلى حقيقته فلا ينبغي له ان يعترف به لأنه يضره وليس له منفعة البتة في اظهاره وانما يصل إليه كل عالم بطريق يستخرجها