ووجدوه خفيف العقل سيئ التدبير، وقع بخبز فخر الدين للالاه جوهر (1)، وتطلع الامراء إلى أن ينفق فيهم كما فعل بدمشق، فما أعطاهم شيئا، وكان لا يزال يتحرك كتفه الأيمن مع نصف وجهه، ويكثر الولع بلحيته، ومتى سكر ضرب الشموع بالسيف، ويقول: هكذا أفعل بمماليك أبي، ويتهدد الامراء بالقتل، فتنكروا له، وكان ذكيا قوي المشاركة يبحث وينقل.
قال سبط الجوزي: (2) كان يكون (3) على السماط بدمشق، فإذا سمع فقيها ينقل مسألة صاح: لا نسلم. واحتجب عن أمور الناس وانهمك في الفساد بالغلمان وما كان أبوه كذلك، ويقال: تعرض لسراري أبيه، وقدم أرذال (4)، ووعد أقطاي بالامرة فما أمره، فغضب، وكانت شجر الدر قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة، فما (5) وصل بقي يتهددها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه. ولما كان في المحرم (6) سنة ثمان وأربعين وثب عليه بعض البحرية على السماط فضربه على يده، قطع أصابعه، فقام إلى البرج الخشب، وصاح: من فعل هذا؟ قالوا: إسماعيلي، قال: لا والله بل من البحرية، والله لأفنينهم، وخاط المزين يده فقالوا: بتوه (7) وإلا رحنا، فشدوا عليه فطلع إلى أعلى البرج، فرموا البرج بالنفط وبالنشاب