سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ١٩٥
ووجدوه خفيف العقل سيئ التدبير، وقع بخبز فخر الدين للالاه جوهر (1)، وتطلع الامراء إلى أن ينفق فيهم كما فعل بدمشق، فما أعطاهم شيئا، وكان لا يزال يتحرك كتفه الأيمن مع نصف وجهه، ويكثر الولع بلحيته، ومتى سكر ضرب الشموع بالسيف، ويقول: هكذا أفعل بمماليك أبي، ويتهدد الامراء بالقتل، فتنكروا له، وكان ذكيا قوي المشاركة يبحث وينقل.
قال سبط الجوزي: (2) كان يكون (3) على السماط بدمشق، فإذا سمع فقيها ينقل مسألة صاح: لا نسلم. واحتجب عن أمور الناس وانهمك في الفساد بالغلمان وما كان أبوه كذلك، ويقال: تعرض لسراري أبيه، وقدم أرذال (4)، ووعد أقطاي بالامرة فما أمره، فغضب، وكانت شجر الدر قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة، فما (5) وصل بقي يتهددها ويطالبها بالأموال، فعاملت عليه. ولما كان في المحرم (6) سنة ثمان وأربعين وثب عليه بعض البحرية على السماط فضربه على يده، قطع أصابعه، فقام إلى البرج الخشب، وصاح: من فعل هذا؟ قالوا: إسماعيلي، قال: لا والله بل من البحرية، والله لأفنينهم، وخاط المزين يده فقالوا: بتوه (7) وإلا رحنا، فشدوا عليه فطلع إلى أعلى البرج، فرموا البرج بالنفط وبالنشاب

(1) يعني: أصدر توقيعا باعطاء مربيه جوهر واردات فخر الدين ابن شيخ الشيوخ.
واللاله: المربي أو الخادم الخاص.
(2) مرآة الزمان: 8 / 782 - 782.
(3) في مرآة الزمان: كان يجلس.
(4) في مرآة الزمان: وقدم الأراذل.
(5) هكذا في الأصل، وفي تاريخ الاسلام: فجاء هو إلى المنصورة وأرسل يتهددها..
(6) ذكر الذهبي في تاريخ الاسلام وسبط ابن الجوزي والملك الأشرف ان ذلك كان في السابع والعشرين من المحرم.
(7) في تاريخ الاسلام: " تمموه ".
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»