بأشمون، وأقبلت الفرنج مع ريذا فرنس (1)، فأمليت (2) دمياط بالذخائر، وأتقنت (3) الشواني، ونزل فخر الدين ابن الشيخ بالجيش على جيزة دمياط وأرست مراكب الفرنج تلقاءهم في صفر سنة سبع وأربعين، ثم طلعوا ونزلوا في البر مع المسلمين ووقع قتال، فقتل الأمير ابن شيخ الاسلام (4)، والأمير الوزيري، فتحول الجيش إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط، ثم تقهقروا ووقع على أهل دمياط خذلان عجيب، فهربوا منها طول الليل، حتى لم يبق بها آدمي، وذلك بسوء تدبير ابن الشيخ، هربوا لما رأوا هرب العسكر، وعرفوا مرض السلطان، فدخلتها الفرنج بلا كلفة، مملوءة خيرات وعدة ومجانيق، فلما علم السلطان غضب وانزعج وشنق من مقاتليها ستين، ورد فنزل بالمنصورة في قصر أبيه ونودي بالنفير العام، فأقبل خلائق من المطوعة، وناوشوا الفرنج، وأيس من السلطان. وأما الكرك فذهب الناصر إلى بغداد فسار ولده الأمجد إلى باب السلطان وسلم الكرك إليه فبالغ السلطان في إكرام أولاد الناصر وأقطعهم بمصر.
قال ابن واصل: كان الملك الصالح نجم الدين عزيز النفس أبيها، عفيفا، حييا، طاهر اللسان والذيل، لا يرى الهزل ولا العبث، وقورا، كثير الصمت، اقتنى من الترك ما لم يشتره ملك، حتى صاروا