معظم عسكره، ورجحهم على الأكراد وأمر منهم، وجعلهم بطانته والمحيطين بدهليزه، وسماهم البحرية.
قلت: لكون التجار جلبوهم في البحر من بلاد القفجاق.
قال ابن واصل: حكى لي حسام الدين ابن أبي علي، أن هؤلاء المماليك مع فرط جبروتهم وسطوتهم كانوا أبلغ من يهاب السلطان، وإذا خرج يرعدون منه، وأنه لم يقع منه في حال غضبه كلمة قبيحة قط، وأكثر ما يقول: يا متخلف، وكان كثير الباه بجواريه، ثم لم يكن عنده في الآخر سوى زوجتين الواحدة شجر الدر، والاخرى بنت العالمة تزوجها بعد مملوكه الجوكندار، وكان إذا سمع الغناء لم يتزعزع، لا هو ولا من في مجلسه، وكان لا يستقل أحد من الكبار في دولته بأمر، بل يراجع مع الخدام بالقصص فيوقع هو ما يعتمده كتاب الانشاء، وكان يحب أهل الفضل والدين، يؤثر العزلة والانفراد، لكن له نهمة في لعب الكرة، وفي إنشاء الأبنية العظيمة، وقيل: كان لا يجسر أحد أن يخاطبه ابتداء. وقيل: كان فصيحا، حسن المحاورة عظيم السطوة، تعلل ووقعت الآكلة في فخذه، ثم اعتراه إسهال، فتوفي ليلة النصف من شعبان، سنة سبع وأربعين وست مئة بقصر المنصورة مرابطا، فأخفوا موته، وأنه عليل حتى أقدموا ابنه الملك المعظم تورانشاه من حصن كيفا، ثم نقل، فدفن بتربته بالقاهرة، وكان بنو شيخ الشيوخ قد ترقوا لديه، وشاركوه في المملكة، وقد غضب مدة على فخر الدين يوسف، ثم أطلقه وصيره نائب السلطنة، لنبله، وكمال سؤدده، وكان جوادا محببا إلى الناس، إلا أنه كان يتناول النبيذ.
ولما مات السلطان عين فخر الدين للسلطنة فجبن (1) ونهض بأعباء