بالحرم، وعدت الخوارزمية الفرات في عشرة آلاف، فما مروا بشئ إلا نهبوه، وأقبلوا، فهربت الفرنج منهم من القدس فقتلوا عدة من النصارى، وهدموا قمامة (1) ونبشوا عظام الموتى، وجاءته الخلع والنفقة من مصر، ثم سار على الشاميين المنصور صاحب حمص، ووافته الفرنج، قال المنصور: لقد قصرت يومئذ وعرفت أننا لا نفلح بالنصارى، فالتقوا. قال: فانهزم الشاميون، ثم جاء جيش السلطان نجم الدين، وعليهم معين الدين ابن الشيخ، ومعه خزانة مال فنازلوا دمشق مدة، ثم أخذت بالأمان لقلة من مع صاحبها، ولمفارقة الحلبيين له، فتركها وذهب إلى بعلبك، وحصل للخوارزمية إدلال، وطمعوا في كبار الأخباز، فلم يصح مرامهم، فغضبوا ونابذوا، ثم حلفوا لإسماعيل، وجاء تقليد الخلافة للسلطان بمصر والشام والشرق ولبس العمامة والجبة السوداء. ثم إن الصالح إسماعيل كر بالخوارزمية إلى دمشق ونازلها وما بها كبير عسكر، فكان بالقلعة رشيد الخادم، وبالمدينة حسام الدين ابن أبي علي، فقام بحفظها واشتد بها القحط حتى أكلوا الجيف، حتى قيل: إن رجلا مات في الحبس فأكلوه. وجرت أمور مزعجة، ثم التقى الحبيون والخوارزمية، فكسرت الخوارزمية، وقتل خلق منهم، وفر إسماعيل إلى حلب، فبعث السلطان يطلبه من صاحبها الملك الناصر يوسف، فقال: كيف يليق أن يلتجئ إلي خال أبي فأسلمه، ثم سار عسكر فأخذوا بعلبك من أولاد إسماعيل، وبعثوا تحت الحوطة إلى مصر وأمين الدولة الوزير وابن يغمور، فحبسوا، وصفت البلاد للسلطان، وبقي صاحب الكرك كالمحصور، ثم رضي السلطان
(١٨٩)