سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٢ - الصفحة ٤٠٩
واحد عشرة أحاديث ليلقوها على البخاري في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته، فقال: لا أعرفه. وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه. وكذلك حتى فرغ من عشرته.
فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول. والبخاري يقول: لا أعرفه. ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: لا أعرفه. فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة، فرد كل متن إلى إسناده. وفعل بالآخرين مثل ذلك. فأقر له الناس بالحفظ. فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النطاح (1).
وقال غنجار: حدثنا منصور بن إسحاق الأسدي، سمعت عبد الله ابن محمد بن إبراهيم الزاغوني، سمعت يوسف بن موسى المروروذي يقول: كنت بالبصرة في جامعها، إذ سمعت مناديا ينادي: يا أهل العلم، قد قدم محمد بن إسماعيل البخاري، فقاموا في طلبه، وكنت معهم، فرأينا رجلا شابا، يصلي خلف الأسطوانة. فلما فرغ من الصلاة، أحدقوا به، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الاملاء، فأجابهم.
فلما كان الغد اجتمع قريب من كذا كذا ألف فجلس للاملاء وقال: يا أهل البصرة، أنا شاب وقد سألتموني أن أحدثكم، وسأحدثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل (2). ثم قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة

(1) " تاريخ بغداد " 2 / 20، 21، و " وفيات الأعيان " 4 / 190، و " تهذيب الكمال ": 1171، و " طبقات السبكي " 2 / 218، 219، و " مقدمة الفتح ": 486 و 487.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 15، 16، و " طبقات السبكي " 2 / 219. وفي " مقدمة الفتح ": 487: تستفيدونها. [وقال ابن حجر]: يعني ليست عندكم.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»