سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٠ - الصفحة ١٩
من أن يتكلم فيقال: زنديق، وما شئ أبغض إلي من الكلام وأهله (1).
قلت: هذا دال على أن مذهب أبي عبد الله أن الخطأ في الأصول ليس كالخطأ في الاجتهاد في الفروع.
الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: من حلف باسم من أسماء الله فحنث، فعليه الكفارة، لان اسم الله غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة، لأنه مخلوق، وذاك غير مخلوق (2).

(١) " تاريخ ابن عساكر ٤ / ٤٠٥ / ١، ونقل البيهقي في " المناقب " ١ / ٤٥٣، ٤٥٤، عن يونس بن عبد الأعلى قال: أتيت الشافعي بعد ما كلم حفصا الفرد، فقال: غبت عنا يا أبو موسى، لقد اطلعت من أهل الكلام على شئ والله ما توهمته قط، ولان يبتلى المرء بجميع ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه الله بالكلام.
وعلق عليه البيهقي، فقال: إنما أراد الشافعي رحمه الله بهذا الكلام حفصا وأمثاله من أهل البدع، وهذا مراده بكل ما حكي عنه في ذم الكلام وذم أهله، غير أن بعض الرواة أطلقه، وبعضهم قيده، وفي تقييد من قيده دليل على مراده، ثم نقل عن أبي الوليد بن الجارود قوله: دخل حفص الفرد على الشافعي، فكلمه، ثم خرج إلينا الشافعي، فقال لنا: لان يلقى الله العبد بذنوب مثل جبال تهامة خير له من أن يلقاه باعتقاد حرف مما عليه هذا الرجل وأصحابه، وكان يقول بخلق القرآن.
ثم قال: وهذه الروايات تدل على مراده بما أطلق عنه فيما تقدم وفيما لم يذكرها هنا، وكيف يكون كلام أهل السنة والجماعة مذموما عنده، وقد تكلم فيه، وناظر من ناظره فيه، وكشف عن تمويه من ألقى إلى سمع بعض أصحابه من أهل الأهواء شيئا مما هم فيه.
(2) " آداب الشافعي ": 193، و " الحلية " 9 / 113، و " الأسماء والصفات " 257، 256، و " معرفة السنن والآثار " 1 / 113، و " مناقب " البيهقي 1 / 403، وفيه زيادة وهي: وكل يمين بغير الله، فهي مكروهة منهي عنها من قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت ".
قال البيهقي: فجعل اليمين باسم من أسماء الله كاليمين بالله، ثم قال: " ومن حلف بشئ غير الله فلا كفارة عليه، فبين بذلك أنه لا يقال في أسماء الله وصفاته: إنها أغيار، وإنما يقال: أغيار، لما يكون مخلوقا.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»