سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٥٠٣
قال: فلقد فارقت عاصما، وما أسقط من القرآن حرفا.
قال عبيد بن يعيش: سمعت أبا بكر يقول: ما رأيت أحدا أقرأ من عاصم، فقرأت عليه، وما رأيت أحدا أفقه من المغيرة (1) فلزمته.
وعن أبي بكر بن عياش قال: الدخول في العلم سهل، لكن الخروج منه إلى الله شديد.
وعن بشر بن الحارث، سمع أبا بكر بن عياش يقول: يا ملكي ادعوا الله لي، فإنكما أطوع لله مني.
وقد روي من وجوه متعددة، أن أبا بكر بن عياش مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة.
وهذه عبادة يخضع لها، ولكن متابعة السنة أولى. فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث (2). وقال عليه السلام: " لم يفقه من قرأ [القرآن] في أقل من ثلاث " (3).
قال أبو العباس بن مسروق: حدثنا يحيى الحماني، قال: لما

(١) هو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش المخزومي، أبو هاشم، فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس، عرض عليه الرشيد القضاء بها فامتنع، قال ابن عبد البر: كان مدار الفتوى في آخر زمان مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، وعلى محمد بن إبراهيم بن دينار، ولد سنة ١٢٤ وتوفي سنة ١٨٦. مترجم في " التهذيب " ١٠ / ٢٦٤.
(٢) أخرجه البخاري: ٤ / ١٩٥.
(٣) أخرجه أبو داود (١٣٩٤) في الصلاة: باب تحزيب القرآن، والترمذي (١٩٥٠) في القراءات: باب في كم يختم القرآن، وإسناده صحيح، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز. وأخرج سعيد بن منصور في سننه بإسناد صحيح فيما ذكره الحافظ في " الفتح " ٩ / ٨٣ عنه: اقرأوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث.
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»