سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٨
وقال إبراهيم بن الليث: حدثنا المحدث علي بن خشرم قال: أخبرني رجل من جيران الفضيل من أبيورد، قال: كان الفضيل يقطع الطريق وحده، فبينا هو ذات لليلة، وقد انتهت إليه القافلة، فقال بعضهم: اعدلوا بنا إلى هذه القرية، فإن الفضيل يقطع الطريق. فسمع ذلك، فأرعد، فقال: يا قوم جوزوا، والله لأجتهدن أن لا أعصي الله.
وروي نحوها من وجه آخر، لكنه في الاسناد ابن جهضم، وهو هالك.
وبكل حال: فالشرك أعظم من قطع الطريق، وقد تاب من الشرك خلق صاروا أفضل الأمة. فنواصي العباد بيد الله تعالى، وهو يضل من يشاء، ويهدي إليه من أناب.
قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: قال لي المأمون، قال لي الرشيد: ما رأت عيناي مثل فضيل بن عياض، دخلت عليه فقال لي: فرغ قلبك للحزن وللخوف حتى يسكناه، فيقطعاك عن المعاصي، ويباعداك من النار.
وعن ابن أبي عمر قال: ما رأيت بعد الفضيل أعبد من وكيع.
قال إبراهيم بن الأشعث: رأيت سفيان بن عيينة يقبل يد الفضيل مرتين، وعن ابن المبارك قال: إذا نظرت إلى الفضيل، جدد لي الحزن، ومقت نفسي، ثم بكى.
قال يحيى بن أيوب: دخلت مع زافر بن سليمان على الفضيل بن عياض، فإذا معه شيخ، فدخل زافر، وأقعدني على الباب. قال زافر: فجعل الفضيل ينظر إلي ثم قال: هؤلاء المحدثون يعجبهم قرب الإسناد، ألا أخبرك بإسناد لا شك فيه، رسول الله عن جبريل، عن الله: (نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد) [التحريم: 6]. فأنا وأنت يا أبا سليمان من الناس، ثم
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»