سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٣
قلت: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " (1).
روى أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن علي بن الحسن قال: بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه، فأقفل الباب من خارج، فجاء فرأى الباب مقفلا، فرجع، فأتيته، فقلت له: حريز. قال: ما يصنع بي، يظهر لي محاسن كلامه، وأظهر له محاسن كلامي، فلا يتزين لي، ولا أتزين له، خير له.
ثم قال علي: ما رأيت أنصح للمسلمين، ولا أخوف منه، ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف، والناس حوله، فيهم: سفيان بن عيينة، وهارون أمير المؤمنين، فما رأيته يودع أحدا، فيقدر أن يتم وداعه.
قال فيض بن وثيق (2): سمعت الفضيل يقول: إن استطعت أن لا تكون محدثا ولا قارئا، ولا متكلما. إن كنت بليغا، قالوا: ما أبلغه، وأحسن حديثه، وأحسن صوته، فيعجبك ذلك، فتنتفخ، وإن لم تكن بليغا، ولا حسن الصوت، قالوا: ليس يحسن يحدث، وليس صوته بحسن، أحزنك ذلك، وشق عليك، فتكون مرائيا، وإذا جلست، فتكلمت، فلم تبال من ذمك ومن مدحك، فتكلم.
وقال محمد بن زنبور: قال الفضيل: لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا.

(١) أخرجه مسلم في " صحيحه " (٢٨٧٧) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل ".
(2) كذا الأصل: " فيض بن وثيق " وهو مترجم في " الجرح والتعديل " ولكنه لم يذكر في شيوخه الفضيل، وربما يكون محرفا عن فيض بن إسحاق وهو خادم الفضيل، وقد روى عنه أكثر من خبر تقدمت في هذه الترجمة وسيأتي بعضها. وانظر " الجرح والتعديل " 7 / 88.
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»