قلت: وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله " (1).
روى أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن علي بن الحسن قال: بلغ الفضيل أن حريزا يريد أن يأتيه، فأقفل الباب من خارج، فجاء فرأى الباب مقفلا، فرجع، فأتيته، فقلت له: حريز. قال: ما يصنع بي، يظهر لي محاسن كلامه، وأظهر له محاسن كلامي، فلا يتزين لي، ولا أتزين له، خير له.
ثم قال علي: ما رأيت أنصح للمسلمين، ولا أخوف منه، ولقد رأيته في المنام قائما على صندوق يعطي المصاحف، والناس حوله، فيهم: سفيان بن عيينة، وهارون أمير المؤمنين، فما رأيته يودع أحدا، فيقدر أن يتم وداعه.
قال فيض بن وثيق (2): سمعت الفضيل يقول: إن استطعت أن لا تكون محدثا ولا قارئا، ولا متكلما. إن كنت بليغا، قالوا: ما أبلغه، وأحسن حديثه، وأحسن صوته، فيعجبك ذلك، فتنتفخ، وإن لم تكن بليغا، ولا حسن الصوت، قالوا: ليس يحسن يحدث، وليس صوته بحسن، أحزنك ذلك، وشق عليك، فتكون مرائيا، وإذا جلست، فتكلمت، فلم تبال من ذمك ومن مدحك، فتكلم.
وقال محمد بن زنبور: قال الفضيل: لا يسلم لك قلبك حتى لا تبالي من أكل الدنيا.