سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٤
وقيل له: ما الزهد؟ قال: القنوع، قيل: ما الورع؟ قال: اجتناب المحارم. قيل: ما العبادة؟ قال: أداء الفرائض. قيل: ما التواضع؟ قال:
أن تخضع للحق. وقال: أشد الورع في اللسان.
قلت: هكذا هو، فقد ترى الرجل ورعا في مأكله وملبسه ومعاملته، وإذا تحدث يدخل عليه الداخل من حديثه، فإما أن يتحرى الصدق، فلا يكمل الصدق، وإما أن يصدق، فينمق حديثه ليمدح على الفصاحة، وإما أن يظهر أحسن ما عنده ليعظم، وإما أن يسكت في موضع الكلام، ليثنى عليه. ودواء ذلك كله الانقطاع عن الناس إلا من الجماعة.
قال عبد الصمد بن يزيد: سمعت الفضيل يقول: لو أن لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام، فصلاح الامام صلاح البلاد والعباد.
وسمعته يقول: إنما هما عالمان: فعالم الدنيا علمه منشور، وعالم الآخرة علمه مستور. احذروا عالم الدنيا، لا يضركم بسكره، العلماء كثير، والحكماء قليل.
وعنه: لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعد البلاء نعمة، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله.
قال الحسين بن زياد المروزي: سمعت فضيلا يقول: لو حلفت أني مراء كان أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء، ولو رأيت رجلا اجتمع الناس حوله لقلت: هذا مجنون، من الذي اجتمع الناس حوله، لا يحب أن يجود كلامه لهم؟
فيض بن إسحاق: سمعت فضيلا يقول: ليست الدنيا دار إقامة، وإنما آدم [أهبط] إليها عقوبة، ألا ترى كيف يزويها عنه، ويمررها عليه بالجوع،
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»