سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٤١
الهاشميين، وأحضروا المشايخ، فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب، فاستشرت جاري، فقال: اذهب لعله يريد أن تعظه، فدخلت المسجد، فلما صرت إلى الحجر، قلت لأدناهم: أيكم أمير المؤمنين؟ فأشار إليه، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فرد علي، وقال: اقعد، ثم قال: إنما دعوناك لتحدثنا بشئ، وتعظنا، فأقبلت عليه. فقلت: يا حسن الوجه، حساب الخلق كلهم عليك. فجعل يبكي ويشهق، فرددت عليه، وهو يبكي، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني، وقال: اذهب بسلام.
وقال محرز بن عون: كنت عند الفضيل، فأتى هارون ومعه يحيى بن خالد، وولده جعفر، فقال له يحيى: يا أبا علي، هذا أمير المؤمنين يسلم عليك. قال: أيكم هو؟ قالوا: هذا. فقال: يا حسن الوجه، لقد طوقت أمرا عظيما، وكررها. ثم قال: حدثني عبيد المكتب، عن مجاهد في قوله:
(وتقطعت بهم الأسباب) [البقرة: 166]. قال: الأوصال التي كانت في الدنيا (1). وأومأ بيده إليهم.
قال عبد الله بن خبيق: قال الفضيل: تباعد من القراء، فإنهم إن أحبوك.
مدحوك بما ليس فيك، وإن غضبوا شهدوا عليك، وقبل منهم.

(١) إسناده صحيح، وأخرجه الطبري ٢ / ٧١ من طريق الفضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد الضبي، كلاهما عن عبيد المكتب، عن مجاهد. وأورده في تفسير مجاهد ١ / 93، 94 من طريق ورقاء، عن أبي نجيح عن مجاهد. (وتقطعت بهم الأسباب): يعني المودة.
وكذلك رواه الطبري.
(٤٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 446 ... » »»