سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٩
غشي عليه، وعلى الشيخ، وجعل زافر ينظر إليهما، ثم خرج الفضيل، وقمنا، والشيخ مغشي عليه.
قال سهل بن راهويه: قلت لابن عيينة: ألا ترى إلى الفضيل لا تكاد تجف له دمعة. قال: إذا قرح القلب، نديت العينان.
قال الأصمعي: نظر الفضيل إلى رجل يشكو إلى رجل، فقال: يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك.
قال أحمد بن [أبي] الحواري: حدثنا أبو عبد الله الأنطاكي قال: اجتمع الفضيل والثوري، فتذاكرا، فرق سفيان وبكى، ثم قال: أرجو أن يكون هذا المجلس علينا رحمة وبركة. فقال له الفضيل: لكني يا أبا عبد الله أخاف أن لا [يكون] أضر علينا منه. ألست تخلصت إلى أحسن حديثك، وتخلصت أنا إلى أحسن حديثي، فتزينت لي وتزينت لك؟ فبكى سفيان، وقال: أحييتني أحياك الله.
وقال الفيض: قال لي الفضيل: لو قيل لك: يا مرائي، غضبت، وشق عليك، وعسى ما قيل لك حق، تزينت للدنيا وتصنعت، وقصرت ثيابك، وحسنت سمتك، وكففت أذاك حتى يقال: أبو فلان عابد، ما أحسن سمته فيكرمونك، وينظرونك، ويقصدونك ويهدون إليك، مثل الدرهم الستوق (1) لا يعرفه كل أحد فإذا قشر، قشر عن نحاس.
إبراهيم بن الأشعث: سمعت الفضيل يقول: بلغني أن العلماء فيما مضى

(1) هو الردئ الزيف الذي لا خير فيه، وضبطوه بفتح السين وبضمها مع تشديد التاء المضمومة فيهما، قال في " اللسان ": وكل ما كان على هذا المثال، فهو مفتوح الأول إلا أربعة أحرف جاءت نوادر وهي: سبوح، وقدوس، وذو روح، وستوق، فإنها تفتح وتضم.
(٤٣٩)
مفاتيح البحث: أبو عبد الله (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»