سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٧
إليكم ذهبتم عني، لفعلت.
الدورقي: وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: سمعت الفضيل يخاطب نفسه: ما أراه أخرجك من الحل فدسك في الحرم إلا ليضعف عليك الذنب، أما تستحي تذكر الدينار والدرهم، وأنت حول البيت، إنما كان يأتيه التائب والمستجير.
وعن الفضيل قال: المؤمن يغبط ولا يحسد، الغبطة من الايمان، والحسد من النفاق.
قلت: هذا يفسر لك قوله عليه الصلاة والتسليم: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله ما لا ينفقه في الحق، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار " (1). فالحسد هنا معناه: الغبطة، أن تحسد أخاك على ما آتاه الله، لا أنك تحسده، بمعنى أنك تود زوال ذلك عنه، فهذا بغي وخبث.
وعن الفضيل قال: من أخلاق الأنبياء الحلم والأناة وقيام الليل.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر، أخبرنا الحسن بن عبد الله العسكري، حدثنا ابن أخي أبي زرعة، حدثنا محمد بن إسحاق بن راهويه، حدثنا أبو عمار، عن الفضل بن موسى قال: كان الفضيل شاطرا (2) يقطع الطريق، فذكر الحكاية، وقد مضت.

(1) أخرجه البخاري: 9 / 65، ومسلم (815) من حديث ابن عمر، وأخرجه البخاري:
1 / 152، 153، ومسلم (816) من حديث ابن مسعود.
(2) قال في " اللسان ": وشطر عن أهله شطورا وشطورة وشطارة: إذا نزح عنهم وتركهم مراغما أو مخالفا، وأعياهم خبثا، والشاطر مأخوذ منه، وأراه مولدا. وقال الجوهري: شطر وشطر بالضم شطارة فيهما. قال أبو إسحاق: قول الناس فلان شاطر معناه أنه أخذ في نحو غير الاستواء، ولذلك قيل له: شاطر، لأنه تباعد عن الاستواء.
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»