وقصد سمورة، فقتل وسبى كل ما مر به، ثم نازلها شهرين، ثم دخلوها بعد جهد، وبذلوا فيها السيف إلى المساء، ثم انحاز المسلمون، فباتوا على أسوارها، ثم صبحوها من الغد لا يبقون على محتلم.
قال الرازي (1) في " مغازي الأندلس ": الذي أحصي ممن قتل في سمورة ثلاث مئة ألف نفس، فلما بلغ الخبر ملك رومية، كتب إلى الحكم يرغب في الأمان، فوضع الحكم على الروم ما كان جده وضع عليهم، وزاد عليهم أن يجلبوا من تراب مدينة رومية نفسها ما يصنع به أكوام بشرقي قرطبة صغارا لهم، وإعلاء لمنار الاسلام، فهما كومان من التراب الأحمر في بسيط مدرتها السوداء.
قلت: وكثرت العلماء بالأندلس في دولته، حتى قيل: إنه كان بقرطبة أربعة آلاف متقلس متزيين بزي العلماء، فلما أراد الله فناءهم، عز عليهم انتهاك الحكم للحرمات، وائتمروا ليخلعوه، ثم جيشوا لقتاله، وجرت بالأندلس فتنة عظيمة على الاسلام وأهله، فلا قوة إلا بالله، فذكر ابن مزين في تاريخه: طالوت بن عبد الجبار المعافري، وأنه أحد العلماء العاملين الشهداء الذين هموا بخلع الحكم، وقالوا: إنه غير عدل، ونكثوه في نفوس العوام، وزعموا أنه لا يحل المكث ولا الصبر على هذه السيرة الذميمة، وعولوا على تقديم أحد أهل الشورى بقرطبة، وهو أبو الشماس أحمد بن