سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٤
الربض (1). بويع بالملك عند موت أبيه في صفر سنة ثمانين ومئة.
وكان من جبابرة الملوك، وفساقهم، ومتمرديهم، وكان فارسا شجاعا فاتكا، ذا دهاء وحزم وعتو وظلم، تملك سبعا وعشرين سنة.
وكان في أول أمره على سيرة حميدة، تلا فيها أباه، ثم تغير، وتجاهر بالمعاصي.
قال أبو محمد بن حزم: كان من المجاهرين بالمعاصي، سفاكا للدماء، كان يأخذ أولاد الناس الملاح، فيخصيهم ويمسكهم لنفسه. وله شعر جيد.
قال اليسع بن حزم: همت الروم بما لم ينالوا من طلب الثغور، فنكثوا العهد، فتجهز الحكم إليهم حتى جاز جبل السارة شمالي طليطلة ففرت الروم أمامه حتى تجمعوا بسمورة، فلما التقى الجمعان، نزل النصر، وانهزم الكفر، وتحصنوا بمدينة سمورة، وهي كبيرة جدا، فحصرها المسلمون بالمجانيق، حتى افتتحوها عنوة، وملكوا أكثر شوارعها، واشتغل الجند بالغنائم، وانضمت الروم إلى جهة من البلد، وخرجوا على حمية فقتلوا خلقا في خروجهم، فكانت غزوته من أعظم المغازي لولا ما طرأ فيها من تضييع الحزم، ورامت الروم السلم، فأبى عليهم الحكم، ثم خرج من بلادهم خوفا من الثلوج، فلما كان العام الآتي، استعد أعظم استعداد،

(١) وذلك أن الحكم هذا قد انهمك في لذاته، فاجتمع أهل العلم والورع بقرطبة، فثاروا به، وخلعوه، وبايعوا بعض قرابته، وكانوا بالربض الغربي من قرطبة، فقاتلهم الحكم فغلبهم، فافترقوا، وهدم دورهم ومساجدهم، ولحقوا بفاس من أرض العدوة. انظر سنة 189 وسنة 202 في " البيان المغرب في أخبار المغرب " 2 / 106، وابن القوطية: 72، و " الحلة السيراء " 1 / 44، وابن خلدون 4 / 126.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»