وفيهم عمر بن شعيب الغليظ، فاحتلوا بالإسكندرية، فاتفق بعد ذلك أن رجلا منهم اشترى لحما من جزار، فتضاجر معه، ورماه الجزار بكرش في وجهه، فرجع بتلك الحالة إلى قومه، فجاؤوا فقتلوا اللحام، فقام عليهم أهل الإسكندرية، فاقتتلوا، وأخرجه الأندلسيون أهلها هاربين، وتملكوا الإسكندرية، فاتصل الخبر بالمأمون، فأرسل إليهم، وابتاع المدينة منهم، على أن يخرجوا منها وينزلوا جزيرة إقريطش (1)، فخرجوا، ونزلوها، وافتتحوها، فلم يزالوا فيها إلى أن غلب عليها أرمانوس بن قسطنطين سنة خمس وثلاث مئة.
وأما الحكم، فإنه اطمأن، وكتب إلى القائد محمد بن رستم كتابا فيه: وأنه تداعى فسقة من أهل قرطبة إلى الثورة، وشهروا السلاح، فأنهضنا لهم الرجال، فقتلنا فيهم قتلا ذريعا، وأعان الله عليهم، فأمسكنا عن أموالهم وحرمهم.
ثم كتب الحكم كتاب أمان عام، وكان طالوت (2) اختفى سنة عند يهودي، ثم خرج وقصد الوزير أبا البسام ليختفي عنده فأسلمه إلى الحكم، فقال: ما رأي الأمير في كبش سمين، وقف على مذوده عاما، فقال الحكم: لحم ثقيل، ما الخبر؟ قال: طالوت عندي، فأمره بإحضاره،