لكنها ذهلت وأذهلني * بغضي بني العباس عن أهلي (1) وقد ولي على الأندلس عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي في أيام عمر بن عبد العزيز، فبنى تلك القناطر بقرطبة بقبلي القصر والجامع، وهي ثمانية عشر قوسا، طولها ثمان مئة باع، وعرضها سوى ستائرها عشرون باعا، وارتفاعها ستون ذراعا، وهي من عجائب الدنيا.
ولما انقرضت دولة بني أمية اتفق الناس على تقديم يوسف بن عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، فعمرت البلاد في أيامه، واتسعت، فلما أراد الله ظهور ملك بني أمية بالأندلس، ذلت لعبد الرحمن قبائل العرب، وسلم له الامر، وقتل يوسف الفهري بوادي الزيتون، وخطب لعبد الرحمن بجميع الأمصار بها، وشيد قرطبة، وغزا عدة غزوات.
من ذلك: غزوة قشتالة، جاز إليها من هر طليطلة، وفرت الروم أمامه، وتعلقت بالحبال، فلم يزل حتى وصل مدينة برنيقة، من مملكة قشتالة، فنزل عليها، وأمر برفع الخيام، وشرع في البناء، وأخذ الناس يبنون، فسلموا إليه بالأمان عند إياسهم من النجدة، وخرجوا بثيابهم فقط، وما يزودهم، ثم كتب لأهل قشتالة ذلك الأمان الذي تقدم، وهو بخط الوزير بشر بن سعيد الغافقي.
ولما صفا الامر لعبد الرحمن بعد مقتل عثمان بن حمزة، من ولد عمر