سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٧
هذا حديث صحيح الاسناد.
ولم يأتنا نص جلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الله تعالى بعينيه (1). وهذه المسألة مما يسع المرء المسلم في دينه السكوت عنها، فأما رؤية المنام، فجاءت من وجوه متعددة مستفيضة، وأما رؤية الله عيانا في الآخرة، فأمر متيقن تواترت به النصوص. جمع أحاديثها الدارقطني والبيهقي وغيرهما.
أبو الحسن المدائني، عن يزيد بن عياض، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده عائشة، وذلك قبل أن يضرب الحجاب، فقال: من هذه الحميراء يا رسول الله؟ قال:
" هذه عائشة بنت أبي بكر " قال: أفلا أنزل لك عن أجمل النساء؟ قال:
" لا ". فلما خرج، قالت عائشة: من هذا يا رسول الله؟ قال: " هذا الأحمق المطاع في قومه ".
هذا حديث مرسل، ويزيد متروك (2)، وما أسلم عيينة إلا بعد نزول الحجاب.
وقد قيل: إن كل حديث فيه: يا حميراء، لم يصح (3). وأوهى ذلك

(١) انظر تفصيل المسألة في زاد المعاد ٣ / ٣٦، ٣٧ طبع مؤسسة الرسالة بتحقيقنا، و " فتح الباري " 8 / 466، 469.
(2) قال المؤلف في ميزانه: قال البخاري وغيره: منكر الحديث، وقال يحيى: ليس بثقة، وقال علي بن المديني، ضعيف، ورماه مالك بالكذب، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
(3) في هذه الكلية نظر، فقد أخرج النسائي في " عشرة النساء " ورقة 75 / 1 من حديث يونس ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني بكر بن مضر، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، قال لي: يا حميراء، أتحبين أن تنظري إليهم؟ فقلت: نعم، فقام بالباب، وجئته، فوضعت ذقني على عاتقه، فأسندت وجهي أي خده، قالت: ومن قولهم يومئذ: أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك، قلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: حسبك فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وما بي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه، قال الحافظ في " الفتح " 2 / 355: إسناده صحيح، ولم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا، وقال الزركشي في المعتبر 19 / 2، و 20 / 1: وذكر لي شيخنا ابن كثير، عن شيخه أبي الحجاج المزي أنه كان يقول: كل حديث فيه ذكر الحميراء باطل إلا حديثا في الصوم في سنن النسائي. قلت: وحديث آخر في النسائي... دخل الحبشة المسجد... وذكر الحديث السابق.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»