وكان لما يمشي وأنا معه يقبل علي فيعظني ويخبرني أن لي ربا، وأن بين يدي جنة ونارا وحسابا، ويذكرني نحو ما كان يذكر القوم يوم الأحد حتى قال: يا سلمان! إن الله سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج بتهامة، وكان رجلا أعجميا لا يحسن أن يقول محمد، علامته أنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه، فإن أنت أدركته، فصدقه واتبعه. قلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، قال: نعم. فإن رضى الرحمن فيما قال.
فلم يمض إلا يسير حتى استيقظ فزعا يذكر الله تعالى، فقال: يا سلمان!
مضى الفئ من هذا المكان ولم أذكر الله، أين ما كنت جعلت على نفسك؟
قلت: لأنك لم تنم منذ كذا وكذا، فأحببت أن تستوفي من النوم. فحمد الله وقام.
وخرج فتبعته، فمر بالمقعد، فقال: يا عبد الله! دخلت وسألتك فلم تعطني وخرجت فسألتك (1) فلم تعطني، فقام ينظر هل يرى أحدا فلم ير، فدنا منه، وقال له: ناولني يدك، فناوله، فقال: باسم الله، فقام كأنه نشط من عقال، صحيحا لا عيب فيه. فانطلق ذاهبا، فكان لا يلوي على أحد، ولا يقوم عليه.
فقال لي المقعد: يا غلام! احمل علي ثيابي حتى أنطلق وأبشر أهلي. فحملت عليه ثيابه، وانطلق لا يلوي علي. فخرجت في أثره أطلبه، فكلما سألت عنه، قالوا أمامك. حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم،