وكذا، فهو على الحق، فائته، فأقرئه مني السلام، وأخبره أني أوصيت إليه، وأوصيتك بصحبته. فلما قبض أتيت الرجل الذي وصف لي، فأخبرته، فضمني إليه، فصحبته ما شاء الله، ثم نزل به الموت، فأوصى بي إلى رجل بقرب الروم، فلما قبض، أتيته فضمني إليه، فلما احتضر، بكيت، فقال: ما بقي أحد على دين عيسى أعلمه، ولكن هذا أوان يخرج نبي، أو قد خرج بتهامة، وأنت على الطريق لا يمر بك أحد إلا سألته عنه، وإذا بلغك أنه قد خرج، فائته، فإنه النبي الذي بشر به عيسى، وآية (1) ذلك، فذكر الخاتم والهدية والصدقة. قال: فمات، ومر بي ناس من أهل مكة فسألتهم فقالوا: نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي. فقلت لبعضهم: هل لكم أن أكون لكم عبدا على أن تحملوني عقبة، وتطعموني من الكسر؟ فقال رجل: أنا. فصرت له عبدا حتى قدم بي مكة، فجعلني في بستان له مع حبشان كانوا فيه، فخرجت، وسألت، فلقيت امرأة من أهل بلادي، فسألتها، فإذا أهل بيتها قد أسلموا. فقالت لي: إن النبي صلى الله عليه وسلم يجلس في الحجر هو وأصحابه إذا صاح عصفور مكة، حتى إذا أضاء لهم الفجر تفرقوا. فانطلقت إلى البستان، وكنت أختلف ليلتي. فقال لي الحبشان: ما لك؟ قلت: أشتكي بطني. وإنما صنعت ذلك لئلا يفقدوني. فلما كانت الساعة التي أخبرتني، خرجت أمشي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو محتب وأصحابه حوله، فأتيته من ورائه، فأرسل حبوته، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه. فقلت: الله أكبر هذه واحدة. ثم انصرفت. فلما كانت الليلة المقبلة، لقطت تمرا جيدا فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته بين يديه. فقال: ما هذا؟ فقلت: صدقة. إلى أن قال: فاذهب فاشتر نفسك. فانطلقت إلى صاحبي فقلت: بعني نفسي. قال: نعم على أن تنبت
(٥٣٣)