فلما سمعوا لغتي (1) أناخ رجل منهم بعيره، فجعلني خلفه حتى أتوا بي بلادهم، فباعوني، واشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها.
وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت به، فأخذت شيئا من تمر حائطي وأتيته فوجدت عنده ناسا، وإذا أبو بكر أقرب الناس إليه، فوضعته بين يديه، فقال:
ما هذا؟ قلت: صدقة، فقال: كلوا، ولم يأكل. ثم لبثت ما شاء الله، ثم أخذت مثل ذلك وأتيته به. فوجدت عنده ناسا، فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟
قلت: هدية. فقال: باسم الله، وأكل وأكل القوم. فقلت في نفسي: هذه من آياته.
كان صاحبي رجلا أعجميا لم يحسن أن يقول تهامة فقال: تهمة.
قال: فدرت من خلفه، ففطن لي فأرخى ثوبه، فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر، فتبينته، ثم درت حتى جلست بين يديه، فقلت، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: من أنت؟ قلت: مملوك، وحدثته حديثي، وحديث الذي كنت معه، وما أمرني به. قال: لمن أنت قلت: لا مرأة من الأنصار جعلتني في حائط لها، قال: يا أبا بكر! قال: لبيك. قال: اشتره.
فاشتراني أبو بكر، فأعتقني. فلبثت ما شاء الله، ثم أتيته، فسلمت عليه، وقعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله! ما تقول في دين النصارى؟ قال: " لا خير فيهم ولا في دينهم ". فدخلني أمر عظيم. وقلت في نفسي: الذي أقام المقعد لا خير في هؤلاء ولا في دينهم. فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله، وأنزل الله على نبيه (ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) [المائدة: 82]. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علي بسلمان. فأتاني الرسول وأنا خائف،