اسمك؟ قال: فذكر اسمه، فقلت: أتعرف أبا الفضل؟ قال: نعم، وودت أني لا أموت حتى أراه، أما (1) إنه هو الذي من علي بهذا الدين، فأنا أنتظر نبي الرحمة الذي وصفه لي يخرج من جبال تهامة، يقال له: محمد بن عبد الله، يركب الجمل والحمار والفرس والبغلة، ويكون الحر والمملوك عنده سواء، وتكون الرحمة في قلبه وجوارحه، لو قسمت بين الدنيا كلها لم يكن لها مكان، بين كتفيه كبيضة الحمامة عليها مكتوب باطنها: الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، وظاهرها: توجه حيث شئت فإنك المنصور، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، ليس بحقود ولا حسود، ولا يظلم معاهدا ولا مسلما. فقمت من عنده فقلت: لعلي أقدر على صاحبي، فمشيت غير بعيد، فالتفت يمينا وشمالا لا أرى شيئا.
فمر بي أعراب من كلب، فاحتملوني حتى أتوا بي يثرب، وسموني ميسرة.
فجعلت أناشدهم، فلا يفقهون كلامي، فاشترتني امرأة يقال لها: خليسة بثلاث مئة درهم. فقالت: ما تحسن؟ قلت: أصلي لربي وأعبده، وأسف الخوص. قالت: ومن ربك؟ قلت: رب محمد. قالت: ويحك! ذاك بمكة، ولكن عليك بهذه النخلة، وصل لربك لا أمنعك، وسف الخوص، واسع على بناتي، فإن ربك يعني إن تناصحه في العبادة يعطك سؤلك.
فمكثت عندها ستة عشر شهرا حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فبلغني ذلك وأنا في أقصى المدينة في زمن الخلال (2). فانتقيت شيئا من الخلال، فجعلته في ثوبي، وأقبلت أسأل عنه، حتى دخلت عليه وهو في منزل أبي