سلمان، ليحدثهما حديثه، فأقبلا معه، فلقوا سلمان بالمدائن أميرا، وإذا هو على كرسي، وإذا خوص بين يديه وهو يرتقه. قالا: فسلمنا عليه وقعدنا، فقال له زيد: يا أبا عبد الله، كيف كان بدء إسلامك؟ قال: كنت يتيما من رامهرمز، وكان ابن دهقانها يختلف إلى معلم يعلمه، فلزمته لأكون في كنفه، وكان لي أخ أكبر مني، وكان مستغنيا بنفسه، وكنت غلاما، وكان إذا قام من مجلسه تفرق من يحفظهم، فإذا تفرقوا، خرج فقنع رأسه بثوبه ثم صعد الجبل، كان يفعل ذلك غير مرة متنكرا. فقلت له: إنك تفعل كذا وكذا، فلم لا تذهب بي معك؟ قال: أنت غلام، وأخاف أن يظهر منك شئ. قلت: لا تخفف. قال:
فإن في هذا الجبل قوما في برطيل (1) لهم عبادة وصلاح، يزعمون أنا عبدة النيران وعبدة الأوثان، وأنا على غير دينهم. قلت: فاذهب بي معك إليهم، قال: لا أقدر على ذلك حتى أستأمرهم، أخاف أن يظهر منك شئ، فيعلم، أو فيقتل القوم، فيكون هلاكهم على يدي، قلت: لن يظهر مني ذلك، فاستأمرهم، فقال: غلام عندي يتيم أحب أن يأتيكم ويسمع كلامكم. قالوا:
إن كنت تثق به، قال: أرجو، قال: فقال لي: ائتني في الساعة التي رأيتني أخرج فيها، ولا يعلم بك أحد. فلما كانت الساعة تبعته، فصعد الجبل، فانتهينا إليهم، قال علي بن عاصم: أراه قال: وهم ستة أو سبعة، قال: وكأن الروح قد خرج منهم من العبادة، يصومون النهار، ويقومون الليل، ويأكلون عند السحر ما وجدوا. فقعدنا إليهم، فتكلموا، فحمدوا الله، وذكروا من مضى من الأنبياء والرسل حتى خلصوا إلى ذكر عيسى. فقالوا: بعث الله عيسى رسولا، وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى، وخلق الطير، وإبراء الأكمه والأبرص، وكفر به قوم، وتبعه قوم، وإنما كان عبد الله ورسوله ابتلى به