4 - أحكام الذهبي في " الكاشف " خاصة بلغت تراجم " الكاشف " 7179 ترجمة، لكن الذهبي رحمه الله لم يكن يحرص على إعطاء حكم على كل ترجمة من حيث الجرح والتعديل.
فقسم كبير من التراجم ليس معها حكم من هذه الناحية، وقسم كبير آخر معه حكم.
ويمكن تصنيف هذا القسم الثاني إلى أقسام:
1 " - منهم من حكم عليه الذهبي من تلقاء نفسه.
2 " - ومنهم من اختار قولا فيه من كلام السابقين، وقد يسميه، أو لا يسميه فيشتبه بالقسم الأول.
3 " - ومنهم من أشار إلى الاختلاف فيه، فذكر فيه جرحا وتعديلا.
والأمثلة على هذه الأقسام ليست بذات بال، فلا أحفل بها، إنما الشأن في الحديث عن أمور أخرى، ذات بال وأهمية.
أولها: ضرورة التنبيه والتنبه إلى رجوع الباحث إلى كتب الذهبي الأخرى غير هذا، ولا سيما كتابيه الآخرين: " ميزان الاعتدال " و " سير أعلام النبلاء ". ذلك أن الذهبي فيهما بارز الشخصية النقادة، لماح يقظ، ما تمر به كلمة تحتاج إلى تهذيب وتشذيب، أو تصحيح وتصويب، إلا ونبه إليها، وأيقظ فهم القارئ إلى ما تحمله من معنى يستدرك ويقوم على الجادة، إلا ما تأباه العصمة على غير صاحبها!.
فهو في " الميزان ": ذو شخصية متميزة، نقاد، مستحضر لحال الرجل باستيفاء وعموم - غالبا - ينقل كلام علماء الجرح والتعديل، فيفسر، ويجمع، وينقد، ويعلق.
وشأنه في " السير ": اليقظة والإيقاظ، وإبداء الرأي الصائب السديد حول كثير من النقول، بل كأنه ما يأتيك بالنقل إلا ليبدي ملاحظته وينبهك إلى ما فيه. فرحمه الله تعالى وجزاه خير الجزاء.
أما في " الكاشف " فلا تجد من هذا إلا الشئ بعد الشئ، وفيه إفادات عن طريق الإشارات والمرموز بصمت وسكون.
من ذلك الذي يجب التنبه لمراجعة كتبه الأخرى: أن كثيرا ممن يقول فيهم هنا: وثق، تجده في " الميزان " - مثلا - وغيره يقول: لا يعرف، أو نحو ذلك.