وغيره، وقال في رواية ابن أبي خيثمة: ليس بشئ، وقال أبو حاتم: مستوي الحديث ثقة، ووثقه العجلي وابن البرقي والنسائي، وقال ابن حبان في " الثقات ": يخطئ. قلت: احتج به الجماعة، وذكر ابن القطان الفاسي... ".
فمن وثق من قبل ابن معين نفسه وهؤلاء الأئمة، وجاءت فيه رواية عن ابن معين " ليس بشئ " فمن المقبول المعقول تفسيرها بقلة أحاديثه، فهو ملجأ يلجأ إليه عند الحاجة، وهو أولى من دعوى تعارض قوليه فيه.
ومن ذلك: صدقة بن أبي عمران الكوفي أحد رجال مسلم وابن ماجة، قال فيه أبو حاتم 4 (1897):
" صدوق شيخ صالح، وليس بذاك المشهور "، وقال ابن معين في رواية أبي داود عنه: " ليس بشئ "، وقال في رواية إسحاق بن منصور: " لا أعرفه ".
فيفسر قوله: " ليس بشئ " بقوله الآخر: " لا أعرفه " ولا يحملان على التعارض.
أما مع اقترانها ب: ذاهب الحديث، أو ليس بثقة، أو نحو هذه الألفاظ الجارحة بشدة منه أو من غيره: فلا وجه لذلك. والله أعلم.
ومما يحسن التنبيه إلى أخيرا: أنه لا يلزم من قلة حديث الرجل أن يقول فيه ابن معين: " ليس بشئ " أو " لا أعرفه ". أعني: أن قلة حديث الرجل ليست عنوانا على عدم ثقته. وقد يضعفه. انظر (2012).
فقد رأيت حال عبد العزيز بن المختار، كيف وثقه في رواية، وقال في أخرى: ليس بشئ، وكذلك سأله عثمان الدارمي (691) " عن أبي دراس ما حاله؟ فقال: إنما يروي حديثا واحد (1)، ليس به بأس ".
30 - 32 - وأما ألفاظ البخاري الثلاثة: " فيه نظر، في حديثه نظر، في إسناده نظر ": فقد مشيت في التعليق على المغايرة بين مدلولاتها، وحرصت على التنبيه إلى اللفظ المنقول عن البخاري إن كان في نقل المصنف أو البرهان السبط شئ من التصرف.
1 " - فقوله: " فيه نظر ": الضمير يعود على الرجل، فيكون للإمام البخاري رحمه الله وقفة في الرجل، وهي وقفة شديدة لا خفيفة، أي: إنها من الجرح الشديد. وكأنها تعدل " منكر الحديث " عنده (2).
قال المصنف في " الميزان " 2 (4294) في ترجمة عبد الله بن داود الواسطي التمار: " قال البخاري في " التاريخ الكبير " - 5 (226) -: فيه نظر..، وقال ابن عدي - 4: 1557 -: وهو ممن لا بأس به إن شاء الله.
قلت - الذهبي -: بل كل البأس به، ورواياته تشهد بصحة ذلك، وقد قال البخاري: فيه نظر، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالبا ".
ونقل عن البخاري قوله في عثمان بن فائد 3 (5552): " في حديثه نظر "، ثم قال: " قل أن يكون عند البخاري رجل فيه نظر إلا وهو متهم ". فهذا يدل على تسويته بين الكلمتين. وسبقه إلى التسوية بينهما ابن عدي، فإنه ترجم 2: 588 لجميع بن عمير التميمي، ونقل فيه قول البخاري 2 (2328): " فيه نظر "، ثم