الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٧٠
ثالثها: ضرورة جمع ألفاظه المتعلقة بالرجل الواحد أو بالحديث الواحد، والتنبه لذلك أثناء الاستقراء، كي لا يظن أنها مختلفة المراد، متعددة، وهي في رجل واحد، متفقة متحدة.
وقد يريد النظر في الإسناد، لاضطرابه، أو لانقطاعه.
ففي " التاريخ الكبير " 5 (389) قال: " عبد الله بن عبد الرحمن. قال يحيى بن قزعة وإبراهيم بن مهدي، عن إبراهيم بن سعد. ح عبيدة، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مغفل... ". فذكر طرقا وختمها بقوله: " فيه نظر ".
وقال 5 (575): " عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي، عن أبيه، عن جده... "، وختم الترجمة بقوله: " فيه نظر، لأنه لم يذكر سماع بعضهم من بعض ". فهذا كقوله:
2 " - " في إسناده نظر ". وقد قال البخاري ذلك في رواة كثيرين، منهم: أوس بن عبد الله الربعي أبو الجوزاء، المترجم في " التاريخ الكبير " 2 (1540). وأوس ثقة عندهم، لذلك فسر ابن عدي هذا القول في " الكامل " 1: 402 بقوله: يريد: " أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما، لا أنه ضعيف عنده ".
ويساعده على هذا التفسير صياغة الجملة مقطوعة عما قبلها وبعدها من سباق ولحاق، فهي بظاهرها صريحة في أن المراد: فيما يسنده أوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود وعائشة: نظر ووقفة.
وزاد ابن عدي هذا الفهم ترسيخا بأنه: لم يسمع منهم، ففيما يسنده انقطاع وإرسال، ووافقه على هذا التفسير ابن حجر في " مقدمة الفتح " ص 391 - 392 ترجمة أوس المذكور.
أما الذهبي: فإنه صنع عجبا!
ترجم لأوس هذا 1 (1045) ونقل كلمة البخاري فيه ولم يفسرها بهذا التفسير، وبعد أسطر قليلة ترجم لأويس القرني رحمه الله تعالى 1 (1048) ونقل كلمة البخاري نفسها فيه 2 (1666)، وفسرها ب‍ ب " أن الحديث الذي روي عن أويس في الإسناد إلى أويس نظر ".
وعجبت منه - أولا - لم يفسرها في ترجمة أوس أيضا، مع أنها قبل أسطر، فأخر تفسيرها!! ثم زال عجبي وزاد يقيني بإمامة المصنف ودقته.. وقد كان هذا التأمل سببا في انكشاف الوهم في تفسير ابن عدي المذكور. وإليك البيان.
قال البخاري في " التاريخ الكبير " 2 (1540): " أوس بن عبد الله الرعبي أبو الجوزاء البصري، سمع عبد الله بن عمرو، روى عنه بديل بن ميسرة، قال يحيى بن سعيد: قتل أبو الجوزاء سنة ثلاث وثمانين في الجماجم. وقال لنا مسدد: عن جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء قال: أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة، ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها. قال محمد - هو البخاري نفسه -: في إسناده نظر ".
قال ابن عدي 1: 402: " وأبو الجوزاء روى عن الصحابة: ابن عباس، وعائشة، وابن مسعود
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست