فسرها وعلق عليه فقال: هو " كما قال، في أحاديثه نظر ". وسكت ابن حجر في " التهذيب " 2: 112 على كلام ابن عدي، فكأنه يرتضيه.
وقال المصنف في " الموقظة " ص 83: " وكذا عادته - أي البخاري - إذا قال (فيه نظر)، بمعنى أنه متهم، أو ليس بثقة، فهو عند أسوا حالا من الضعيف ".
وقال الحافظ في " التلخيص الحبير " 1: 74 في حديث أبي ثفال المري في التسمية على الوضوء:
" قال البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادته فيمن يضعفه ".
قلت: لكن لفظ المصنف في " سير أعلام النبلاء " 12: 439 نقلا عن الإمام البخاري: " أنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر: فهو متهم واه ". فهو صريح في بيان المراد بهذا القول من البخاري نفسه، وليس عادة له عرفت بالاستقراء.
فكلام المصنف في الموضع الثاني، وابن عدي، وابن حجر في " التلخيص ": متناسب متلائم مع صريح بيان البخاري المصطلحة في قوله: " في حديثه نظر ".
ويبقى النظر أيضا في إطلاق البخاري قوله واصطلاحه الذي نقل عنه، وفي تقييد المصنف ذلك في الموضعين من " الميزان " ب: " غالبا،، وقل... ".
فالبخاري عبر عن اصطلاحه فأطلق، أما الذهبي في " الميزان " فكأنه لا حظ حال الرجل عند غير البخاري، فرأى الغالب الاتفاق بين البخاري وغيره في حكمهم على الرجل، وأحيانا يكون خلاف ذلك، فعبر بقوله: " غالبا، وقل أن يكون... ".
ولا بد من التنبيه إلى ضرورة ثلاثة أمور:
أولها: التحقق من النقل لمثل هذه الألفاظ عن البخاري، ماذا قال؟ وما لفظه؟.
ففي " الكامل " 7: 2643 ترجمة ياسين بن شيبان العجلي: " قال البخاري: فيه نظر "، في حين أن العقيلي نقله 4 (2100) بلفظ: " في حديثه نظر "، وانظر التعليق على ترجمته (6121) وعلى (3002).
ثانيها: التحقق والتأمل في سياق كلامه. فالذي يبدو لي - والله أعلم - أنه يراعي سياق كلامه إلى حد أنه يطلق كلمة لولا سياق كلامه لقال غيرها. انظر التعليق على (3002) أيضا.
مثال ذلك: قوله في صعصعة بن ناجية جد الفرزدق 4 (2978): " قال لي العلاء بن الفضل: حدثني عباد بن كسيب، حدثني طفيل بن عمرو، عن صعصة بن ناجية المجاشعي: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فعرض علي الإسلام فأسلمت... فيه نظر ". فصعصعة صحابي، وترجمه المؤلفون في الصحابة، لكن حديثه هذا فيه نظر، لا أنه هو فيه نظر، فإنه صحابي. وأكد هذا التأويل: أنه قال في ترجمة عباد بن كسيب 6 (1624)، وقد ذكر السند فقط -: " لم يصح "، وقال في ترجمة طفيل 4 (3160): " لم يصح حديثه ".
فأفادنا أن النظر هناك: في الحديث لا في الرجل، وأفادنا أن النظر يعني عدم الصحة. وهذا الجمع بين النصوص الثلاثة نبهنا إلى ضرورة مراعاة الأمر الثالث.