" كأنه يضعفهما " والدارمي تلميذ ابن معين وراويته ومشاهد لحركاته وهيئته حين يجيبه، وينقل هذه المشاهد مع نقله لألفاظه ويعبر عنها بقوله هذا.
ومثله تماما ما جاء في المصدر المذكور (334): " سألته عن الربيع بن صبيح؟ فقال: ليس به بأس، وكأنه لم يطره، قلت: هو أحب إليك أو المبارك - بن فضالة -؟ فقال: ما أقربهما ".
وهذا لا يمنع أن يوجد راو يقول فيه ابن معين: لا بأس به، ويقول غيره - أو هو نفسه في مقام آخر -:
ثقة. أما تفسير هذا الحوار بين ابن معين وتلميذه ابن أبي خيثمة بأنهما كلمتان متساويتان: فهذا بعيد. والله أعلم.
14 - حديثه مقارب، مقارب الحديث (1422، 2483). والصواب في ضبط الراء جواز كسرها وفتحها، على معنى التعديل، خلافا لمن قصر الكسر على معنى التعديل، والفتح على التجريح. قال العراقي في " حاشيته على ابن الصلاح " ص 137: " وهما على كل حال من ألفاظ التوثيق...، وممن ذكره من ألفاظ التوثيق الحافظ أبو عبد الله الذهبي في مقدمة " الميزان. ". ونقل كلامه السيوطي في " التدريب " ص 235 ووافقه، ولم أر في مقدمة " الميزان " المطبوع شيئا. نعم هو في آخر مراتب ألفاظ التعديل، المرتبة الرابعة عند العراقي، والمرتبة السادسة عند السخاوي - انظر " الرفع والتكميل " ص 150، 164 - مع قولهم: صدوق إن شاء الله، صالح الحديث، جيد الحديث، حسن الحيث، صويلح. وحديث هؤلاء لا يحسنونه.
لكن الإمام الترمذي نقل في " سننه " 5: 305 (1579) و " العلل الكبرى " 2: 677 عن الإمام البخاري أنه قال في الوليد بن رباح: " مقارب الحديث " وجاء في " العلل الكبرى " 2: 967 قول البخاري نفسه في الوليد نفسه: " حسن الحديث ". أما الترمذي فقال عنه حديثه المشار إليه: " حسن غريب ".
وروى الترمذي حديثا قبل المشار إليه 5: 304 (1578) من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، وقال من عند نفسه: " مقارب الحديث " وقال عن الحديث: " حسن غريب ". لكنه في " العلل الكبرى " 2:
976 نقل ذلك عن البخاري.
وقال في كلامه على الحديث الثالث من " سننه ": " عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق، تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم - ابن راهويه - والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد - هو البخاري أيضا -: وهو مقارب الحديث " فمثل هذا لا ينزل حديثه عن الحسن مع قوله " مقارب الحديث ".
بل لقد حسن البخاري نفسه حديثه المروي في " سنن الترمذي " 1: 148 (128) باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد - وفي المطبوع الذي أعزو إليه: حسن صحيح، وأرى أنها زيادة غير صحيحة - وعطف عليه قوله: " وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح " وهي زيادة صحيحة ثابتة في أكثر من أصل خطي قويم.
خلاصة ذلك: أن قول البخاري أو تلميذه الترمذي في رجل " مقارب الحديث " من ألفاظ تحسين الحديث الحسن الاصطلاحي، وقد قال في " سننه " 1: 254 عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم: " رأيت البخاري يقوي أمره ويقول: هو مقارب الحديث ".