الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٣٥
ويحتم مراجعة الأصول: أن المصنف قد لا يعبر بما يعطي مدلولا تاما للكلمة الأصلبة في الرجل، مثال ذلك قوله في داود بن رشيد الطفاوي: " لينه ابن معين " مع أن لفظه - كما نقلته في التعليق عليه -:
" ليس بشئ ". وفرق كبير بين اللفظين.
ومثله تماما ما حصل له في ترجمة داود بن عبد الله الأودي - وإن كان فيه متابعة للمزي في وهم حصل له -.
وبمناسبة حديثي عن تحتم مراجعة الأصول أصور للقارئ ما حصل لي الآن.
كتبت في المسودة هذا الكلام الذي تراه، وأن التليين شئ، و " ليس بشئ "، شئ آخر، وأن الفرق بينهما كبير، ثم رأيت في " تهذيب التهذيب 8: 393 ترجمة قيس بن الربيع الأسدي: " وقال المروذي:
سألت أحمد عنه فلينه وقال: كان وكيع إذا ذكره قال: الله المستعان ".
ففهمت منه أن " وقال " معطوف على " فلينه "، ويكون المعنى حينئذ أن حكاية الإمام أحمد كلام وكيع:
استدلال منه على تليينه. والمآل: أن تعبير المصنف ب‍ " لينه ابن معين " عن " ليس بشئ ": أمر سائغ مستعمل نظيره من المتقدمين، فلا يستنكر وقوعه من المصنف. هكذا فعلت، كتبت إشارة إلى هذا النص في المسودة، ولما وصلت إليه الآن، بدا لي أن أعدل عما كتبت كليا، أو أن أتركه كما هو، وأنبه إلى هذا النص، وأرجع إلى مقتضاه.
لكني طبقت المبدأ الذي مشيت عليه خلال خدمتي الكتاب جميعه، والمبدأ الذي أدعو إليه قبل سطر واحد، فرجعت إلى رواية المروذي عن الإمام أحمد فرأيت فيها ما يلي:
جاء في فقرة (206): " سألته عن قيس بن الربيع، فلينه، قلت: أليس قد روى عنه شعبة؟ قال:
بلى ".
ثم جاء في فقرة (228): " وقال - أحمد -: كان وكيع إذا ذكر قيس بن الربيع قال: الله المستعان "، فلا ارتباط لفظي بين الفقرتين، أعني: أن قوله: " وقال: كان وكيع... " ليست تفسيرا للتليين ولا للاستدلال عليه، ورأي الإمام أحمد فيه: التليين، أما رأي وكيع فيه: فالتضعيف الشديد، لأن قولهم: " الله المستعان " في رجل ما، من مراتب الجرح الشديد، كما قرره بشواهده شيخنا العلامة المحقق الكبير الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى في تعليقاته على " الرفع والتكميل " ص 173 فما بعدها، وهذا النص الذي ذكرته: منها.
ومن النظر في " ثقات " ابن حبان 5: 256، و " المجروحين " له 1: 357 يبدو أن قولهم " الله المستعان " من المرتبة الثانية، كما هو ظاهر كلام شيخنا آخر بحثه.
فتبين من مثال شاهد قريب ضرورة الرجوع إلى المصادر الأصلية، لتكون النتائج: " سددوا وقاربوا ".
وقد كنت حريصا على لفت النظر إلى هذا المعنى في التعليق بقدر ما أمكنني التنبه له والتنبيه إليه، ومع ذلك أدعو القارئ إلى أن لا يقف عند حدود تنبيهاتي، بل عليه بالرجوع إلى المصادر الأصول، فإنها خزائن العلم ومعادنه.
12 - ومن ألفاظه في التعديل: " محله الصدق " (2052)، وهي دون قولهم: " صدوق " وقريب جدا من
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست