ولي يحيى بن أكثم القاضي البصرة وسنه عشرون أو نحوها (1)، فاستصغره أهل البصرة، فقال له أحدهم: كم سنو القاضي؟ قال:
فعلم أنه قد استصغر، فقال: أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به النبي صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل مكة يوم الفتح، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي صلى الله عليه وسلم قاضيا على أهل اليمن، وأنا أكبر من كعب بن سور الذي وجه به عمر بن الخطاب قاضيا على أهل البصرة. قال: وبقي سنة لا يقبل بها شاهدا. قال:
فتقدم إليه أبي وكان أحد الامناء، فقال له: أيها القاضي قد وقفت الأمور وتريثت. قال: وما السبب؟ قال: في ترك القاضي قبول الشهود. قال: فأجاز في ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا.
وقال عبد الله بن محمود المروزي: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كنت قاضيا وأميرا ووزيرا وقاضيا على القضاة، ما ولج سمعي أحلى من قول المستملي: من ذكرت، رضي الله عنك.
وقال الفضل بن محمد الشعراني: سمعت يحيى بن أكثم يقول: كان لي أخ مروزي، فكان يكتب إلي في الأحايين، وما كتب إلي إلا انتفعت بكتابه، فكتب إلي مرة: بسم الله الرحمان الرحيم يا يحيى اعتبر بما ترى، واتعظ بما تسمع قبل أن تصير.
عبرة للناظرين وعظة للسامعين. قال: فقلت: لقد جمع فيه.
وقال محمد بن الحسن بن زياد النقاش المقرئ، عن أحمد ابن يحيى ثعلب: أخبرنا أبو العالية السامي (2) مؤدب ولد المأمون.