ذكر الهيثم (1) بن عدي، عن أبي بكر بن عياش، قال:
اجتمع في جنازة أبي رجاء العطاردي الحسن البصري، والفرزدق، فقال الفرزدق للحسن: يا أبا سعيد يقول الناس: اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشر الناس، فقال الحسن: لست بخير الناس ولست بشرهم، ولكن ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ثم انصرف الفرزدق، فقال:
ألم تر أن الناس مات كبيرهم * وقد كان قبل البعث بعث محمد.
ولم يغن عنه عيش سبعين حجة * وستين لما بات غير موسد.
إلى حفرة غبراء يكره وردها * سوى أنها مثوى وضيع وسيد.
ولو كان طول العمر يخلد واحدا * ويدفع عنه غيب عمر عمرد.
لكان الذي راحوا به يحملونه * مقيما ولكن ليس حي بمخلد.
نروح ونغدوا والحتوف أمامنا * يضعن لنا حتف الردى كل مرصد.
وقد قيل لي ماذا تعد لما ترى * ففيه إذا ما قال غير مفند.
فقلت له: أعددت للبعث والذي * أزاد به أني شهدت بأحمد (2).
وأن لا إله غير ربي هو الذي * يميت ويحيي يوم بعث وموعد.
فهذا الذي أعددت لا شئ غيره * وإن قلت لي أكثر من الخير وازدد.
فقال لقد أعصمت بالخير كله * تمسك بهذا يا فرزدق ترشد (3).